سنجار ورد الاعتبار!
بدخول البيشمركة إلى مدينة سنجار وأطرافها وتحرير أرضها من دنس البدائيين الأوباش، تكون هذه القوات قد أعادت الاعتبار إلى القيم الأخلاقية للحضارة الإنسانية التي دنستها منظمة إرهابية ادعت إنها تمثل عقيدة دينية فاسدة لا تمت بصلة لهذا العصر ولا لحضارة الإنسان وسلوكه القويم، فقد تعرضت هذه المدينة وشقيقاتها في ولآت شيخ بسهل نينوى وتحديدا في بعشيقة وبحزانى وبرطلة وبغديدا وتلكيف وبقية القرى والبلدات التي تضم أقدم ديانات البشرية ومعابدها من الايزيدية والمسيحية، تعرضت إلى أبشع أنواع التعدي على الكرامة الإنسانية في استعباد البشر والمتاجرة به، فيما سمي بالسبي وغنائم الحرب المقدسة القذرة التي شنوها على هذه المكونات الأصيلة في بلاد ما بين النهرين.
لقد اجتاحت أجلاف الصحراء ومجاميع من شذاذ الآفاق والأخلاق، مدنا وبلدات وقرى آمنة متعايشة، فأشاعوا بينها الموت الزؤام والدمار، وقتلوا آلاف الرجال، واستباحوا أضعافهم من النساء والأطفال، ووصلت بهم الدناءة والسقوط الأخلاقي إلى بيع الأطفال والنساء في أسواق النخاسة، التي أعادوا فتحها في المدن التي احتلوها بعد العاشر من حزيران 2014م في الموصل وسنجار، ومزقوا نسيجا اجتماعيا ومنظومة أخلاقية تراكمت عبر مئات السنين بين سكان هذه المناطق من مختلف المكونات القومية والدينية والمذهبية.
ولأن عمر الرذيلة اقصر مما يتصوره البعض مهما طال زمن شيوعها، وان الفضيلة وان كانت كما يظن البعض الآخر مفقودة أو قليلة، إلا أن واقع الحياة يؤكد أنها الأكبر والأكثر شيوعا بين البشر، وإلا لما كانت استمرت الحياة ومواصفاتها الراقية، ولذلك لم تجد هذه العصابات المتوحشة أحدا تحكمه في هذه المدن والبلدات الأصيلة، حيث فضل سكانها الشتات والنزوح واللجوء بكل ما تعنيه هذه الصفات من معاني أليمة، على أن تتمتع هذه الكائنات المسخ بممارساتها السادية المريضة، وتشعر بأنها تتحكم بأحد، فتركوا كل شيء إلا أنفسهم وكرامتهم العصية على هؤلاء الإرهابيين.
حقا ستبقى أفعالهم وصمة عار في جبين الحركات الدينية والقومية العنصرية، ودرسا بليغا لأولئك الذين يعتقدون إن بإمكانهم بالترهيب والإذلال والقتل المروع إذابة المكونات المختلفة، وتحديدا الكورد وديانات الايزيدية والمسيحية والصابئة المندائية، الذين تعرضوا تحت حكم الأفكار الدينية والقومية العنصرية والمتطرفة إلى أقسى أنواع الاضطهاد والتعذيب والانتهاك لأبسط حقوق الآدمية، حيث مارس الفاشيون الجدد تحت يافطة الإسلام أبشع أنواع الممارسات الوحشية بحق الإنسان، وتركوا ورائهم عشرات المقابر الجماعية التي تدينهم عبر الأجيال كما هي مقابر صدام حسين وحزب البعث التي خلفوها بعد سقوطهم، لتكون عبرة للشعوب والأنظمة والدول التي تنتهج الفاشية والشوفينية أسلوبا في نظامها السياسي والاجتماعي.
إن انتصار البيشمركة في تحرير سنجار ( شنكال ) فتح الطريق إلى تحرير الموصل والرقة والانبار، وبقية المدن المختطفة من قوى الظلام والوحشية، وأعاد للقيم الأخلاقية العليا للإنسان والإنسانية ارفع مستويات الاعتبار.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية