ديسمبر 21, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

كفاح جمعة كنجي: ذات يوم في دمشق

ذات يوم في دمشق
كفاح جمعة كنجي
سلامامن صبا بردى ارق ودمع لا يكفكف يا دمشق

حين ضاقت بنا دهوك بعد حملة اغتيالات مسعورة مطلع التسعينات وباشكال مختلفة، وقيل انها من تدبير مخابرات نظام ذلك الزمان وفقدنا من طرفنا الشهيد ابو نصير (لازار ميخو)، حُذرنا نحن القادمون مع الانتفاضة اوائل التسعينات من جبال كوردستان من اصدقائنا باننا على قائمة الاغتيالات .
حينها فتحت سوريا ودمشق احضناها ليس للسياسين فقط بل لكل الناس وعلى اختلاف الوانهم وانحداراتهم ومن كل ارجاء العراق ودون اي تمييز وقيل ان اعداد العراقيين فيها قاربت مليوني عراقي.
دخلنا سوريا يوم  11 آّذار  1995 وامضينا ليلتنا الاولى في منزل صديقنا  (محمود عيدو، ممثل الاتحاد الوطني الكوردستاني في القامشلي حينها). ومع صوت فيروز الملائكي افقنا، وكما وِجِّه سوالاً للذين سبقوني في وصولهم للقامشلي وجه لي عين السوال  :- ماذا احسست وانت تنام ليلتك الاولى؟؟ اجبت على الفور، لاول مرة انام واحس بطمانينة لا حدود لها افتقتدها منذ اعوام طويلة وتطابق جوابي باجابات من سبقوني.
امضيت عاما كاملا في سوريا ولم تفارقني او تخذلني تلك الطمأنينة.
جمعتني الصدفة في دمشق لاحقا بالاستاذ نبيل فياض وصديقه مصفف المطبعة بسام في شقته المتواضعة وبصحبتهم شخص آخر للاسف لا اتذكر اسمه وكل ما عرفته عنه انه لم يكن يستسيغ النظام وحزب البعث في بلده  .. دارت بيننا نقاشات عديدة في ذلك اللقاء .. ومن بين المواضيع التي سَخّنت النقاش  – المشاكل التي تبدر من العراقيين في سوريا -. لا اتذكر التفاصيل لكن ساشير الى جملة بقيت عالقة في ذهني صدرت من ذلك الانسان الطيب موجها كلامه لنبيل قائلا :- فرضا لو وضعنا انفسنا يا نبيل في موضع العراقيين واصابنا ما اصابهم، واتى من اقتلعنا من بيوتنا وقُذفنا خارجها ماذا سنفعل بالله عليك؟؟ بقت هذه الجملة وهذاالسوال في ذاكرتي لانه وُجه بِالم وبحرقة في القلب وكأن الماساة التي اصابت العراقيين قد اصابته فعلا واغلب السوريين كانوا على شاكلتة في تعاملهم مع العراقيين .
ومنذ اندلاع الاحداث في سوريا يطرق ذهني ذلك السوال وتقف صورة ذلك الرجل الطيب امام عيني مع كل نشرة اخبار اسمعها عن سوريا وما يجري فيها بعد “انعكاس” الاوضاع في بلدينا  ..وافكر في مصير ذلك الرجل الذي وضع نفسه إفتراضياً في ما آل اليه حال العراقيين حينها ويقف الى جانبهم لهذه الدرجة من الانسانية العالية في محنتهم حتى وإن ألْحقَ البعض القليل من هولاء العراقيين بالبلد الذي يستضيفهم وبناسه احيانًا الكثير من الاساءة او افتعلوا المشاكل فيه على انواعها وصلت بعضها لحد الجرائم .
لقد اقتلعت ياسيدي من بيتك كملايين السوريين، وذلك الافتراض تحول الى واقع ..كم هو مؤلم ان تنقلب الحياة بين ليلة وضحاها من طمآنينة وسلام الى قلق وموت وقتل وذبح وانفجارات وخطف ونزوح ودمار وانهيارات وجوع وتشرد وحرب داخلية لا ترحم الصغير والكبير وتدمر الحجر قبل البشر .
صورة ذلك الرجل السوري كما كل السوريين الطيبين الذين عرفتهم ماثلة امام عيني دائما منذ تصاعد الاحداث واتسائل مع نفسي هل سيقابلها لعراقيين كشعب بعين شعوره بنا، إن تواجد في العراق؟؟ لا اشك في ذلك ففي كوردستان عُرف عن الاكراد كشعب صدق اهتمامهم بالضيف وبتضاعفه لِغير الكوردي وخاصة ايام المحن لانهم عجنوا بتجاربها، ولن يقل الاهتمام به ان كان في مناطق اخرى من البلد ككل. لا اشك في ذلك الا اذا استثنينا موقف حكومة المالكي الذي يبدو مساندا للنظام السوري وبضغط ايراني .ان مواقف الحكومات شىء ومواقف الشعوب شىء آخر ومن ينسى من العراقيين  كوردا وعربا وآخرين مواقف الشعب السوري ايام محنتنا ابان نظام صدام اما ان يكون معتوه او حليبه حرام.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi