في سنويتها السابعة .. شهادات حية من «مجزرة كوجو»
تمر اليوم الأحد، 15 آب / أغسطس، الذكرى السنوية لـ «مجزرة» قرية كوجو الإيزيدية في شنگال (سنجار)، التي اتكبها إرهابيو داعش وراح ضحيتها العشرات من رجال وأطفال القرية، إلى جانب «سبي» مئات النساء والفتيات.
الناجية الشابة بسمة الياس التي اختطفها داعش لأكثر من عام، تم نقلها من قريتها باتجاه قضاء البعاج ومنها إلى تلعفر لتنقل أخيرا إلى الرقة، تروي ما حدث في ذلك اليوم الأسود، قائلة: «في الساعة العاشرة من صباح الثالث من آب 2014، سمعنا بأن سيارة تابعة لمسلحي داعش دخلت القرية وتوجهت إلى منزل نايف جاسو مختار القرية، وكنا قبلها قد سمعنا بأن جميع المجمعات والقرى الجنوبية وقضاء شنگال قد سقطت وأن داعش ارتكب مجازر بحق المدنيين، ولم يبق هناك غير قريتنا وقرية الحاتمية التي لا تبعد عنا أكثر من 5كم».
غدر
وتضيف «لم نكن نصدق بأنهم أخذوا النساء والأطفال، كان الخوف والقلق يسيطران على جميع أهالي القرية. بعد ساعات جاء شقيقي إبراهيم وأخبرنا بأن داعش أعطى الأمان لمختار القرية وطلبوا منه أن يبلغ الأهالي بأن يبقوا في منازلهم وأن لايغادروا وأنهم في أمان عدا منتسبي الشرطة والجيش».
وتردف «في الساعة الثالثة من نفس اليوم جاءت عدة سيارات تقل مسلحين من داعش وأخذت تجول في القرية، وطلبوا من الأهالي تسليم أسلحتهم مهددين بأنه سيكون الموت مصير من يخالف ذلك، وطوال ذلك اليوم كان الشباب يسلمون أسلحتهم بأمر من مختار القرية لأنه تفاوض معهم بهذا الشأن، في هذه الأثناء استطاع العشرات من العوائل مغادرة القرية ليلا باتجاه الجبل».
وعن سبب عدم هروبهم من القرية قبل وبعد دخول داعش إلى شنگال، تقول بسمة: «وفق ما كنت أسمعه من زوجي ومن بقية الأهالي بأنه كان هناك اتصالات مع بقية العشائر العربية المحيطة بالقرية، وكانوا قد وعدوا بأن داعش لن يدخل القرية ولا شان له بالمدنيين، حتى أن أغلب الأهالي كانوا على علاقة جيدة مع بقية القرى وكانت تربطنا معهم علاقات صداقة أخوية، ولكننا لم نتوقع أن يغدروا بنا بهذا الشكل الوحشي».
وتسترسل في حديثها قائلة: «بعد ايام طويلة من الخوف والقلق كانت ترد لنا أخبار ما فعله داعش بالإيزديين، وخلال تلك الفترة كنا نسمع بأنهم عرضوا على مختار القرية أن يقوم جميع أهالي القرية بإعلان اعتناقهم الإسلام مقابل الحفاظ على حياتهم، وأنهم سيعاملوننا أسوة ببقية المسلمين تحت حكم شريعتهم».
وتمضي بالقول: «قبل وقوع المجرزة بليلتين كانت هناك اتصالات مع أهالي قرية الحاتمية القريبة من كوجو وكان أهلها قد بقوا فيها ولم يغادروها لنفس الأسباب، وقد طلب مختار قرية الحاتمية من نايف جاسو مختار كوجو بأن يتفقوا على موعد للهروب، ولكن الأخير رفض لأن القرية كانت تحت المراقبة».
وتتابع «في يوم 14 آب استفقنا على العشرات من سيارات داعش تجوب القرية، وكان قد جن جنونهم وهم يطلقون النار في الهواء، حتى علمنا بأن أهالي قرية الحاتمية قد فروا ليلا من القرية باتجاه الجبل، وهذا ما دفعهم لتكثيف الإجراءات في القرية وباتت لهجتهم أكثر عنفا وبدأوا بإطلاق التهديدات بأنهم سيقتلون الجميع».
وتتابع «في يوم الصباح التالي، وتحديداً في الساعة العاشرة صباحا، دخل ما يقارب 60 مسلحا إلى قرية كوجو بقيادة (أبو حمزة الخاتوني) من أهالي ناحية بليجو بأمر من والي الموصل لدى داعش (رضوان طالب الحمدون)».
شهادات حية من “مجزرة كوجو”.. ماذا حدث بشهر آب 2014 في سنجار والقرى المحيطة به؟
وبحسب الشاهدة، فقد «قام المسلحون بجمع الأهالي في مدرسة كوجو وفي عدد من الهياكل، وبادئ الأمر طلبوا منهم تسليم هواتفهم ونقودهم وجميع مصوغاتهم الذهبية، وكنت مع يقارب 150 فرداً من النساء والأطفال محتجزين في إحدى الهياكل، وكان بعض المسلحين قالوا بأنهم سيقتلون الرجال ويسبوا النساء».
وتقول بسمة «لقد كنا نتوسل إليهم وسط العويل وبكاء الأطفال، وفي الساعة الثانية عشر والنصف كنا نسمع أصوات إطلاق نار في أماكن متفرقة من القرية، قبل أن يجلبوا شاحنات نقل ويزجونا بها، وخلال تلك اللحظات شاهدنا العديد من الجثث ملقاة على الأرض، من ضمنهم جثة شقيقي إبراهيم، وبعدها أخذونا إلى قضاء البعاج ومنها إلى تلعفر».
بعد عام على اختطافها، تمكن ذويها من تحريرها من خلال وساطة سماسرة مقابل مبلغ من المال، حيث كانت مستعبدة عند عنصر سعودي في تنظيم داعش بمدينة الرقة السورية.
مكالمة هاتفية
شاهد آخر من تلك القرية المنكوبة يدعى شوقي حيدر، يقول عن الحادثة: «بعد أن علم داعش بأن أهالي قرية الحاتمية هربوا إلى الجبل قاموا باعتقال الشباب مساء يوم 14 آب 2014، وتم نقلنا من قرية كوجو إلى قضاء شنگال حيث تم احتجازنا في مديرية النفوس والأحوال المدنية لمدة يومين».
ويضيف «لقد كنا اكثر من 85 شخصا أعمارنا تتراوح بين 16 إلى 60 عاماً، وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تم تقييد أيدينا إلى الخلف وقاموا برصنا إلى جدار مبنى المديرية وتهئيوا لإعدامنا، ولكن مكالمة هاتفية غامضة اتت في اللحظات الاخيرة قبل التنفيذ أجلت موتنا».
ويتابع «في الصباح الباكر لليوم التالي، عناصر داعش ذكروا لنا بأنهم قتلوا جميع أهالي القرية وسبوا النساء وبدأوا يسخرون منا، ويتهموننا بأننا نستحق القتل لاننا على ضلالة وأننا كفار، وكانوا يطلقون الرصاص فوق رؤسنا وبين أرجلنا ويتعهدون بأنهم سيقومون بذبحنا عاجلاً أم آاجلاً».
بعد ذلك نقلوا الشباب الإيزيديين من ضمنهم شوقي إلى سجن «كسر المحراب» ونقلوا البعض اخر إلى سجن «قزلكند» في قضاء تلعفر، وهناك علم شوقي بما حدث في قريته كوجو، ويقول: «لقد رأينا كيف كانوا يجرون الفتيات من شعرهن ويأخذوهن أمام أنظار ذويهم، أخذوا الأمهات ومعهم أطفالهم وأخذوا الفتيات حتى دون سن العاشرة».
وعن سبب عدم فرارهم أسوة بأهالي قرية الحاتمية وبقية مناطق شنگال، يقول شوقي: «قريتنا محاطة بالقرى العربية التي غدرت بنا، كما أن مختار القرية كان قد تفاوض معم وأخذ منهم الأمان بأن لا يعتدوا على القرية مقابل بقائنا وإعلان إسلامنا».
هذا وقد تمكن الشاب شوقي من الفرار من سجن «كسر المحراب» في قضاء تلعفر هو وعدد من أصدقائه المعتقلين حين كانوا يعملون في حفر خنادق لداعش قرب السجن.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية