عراقيون مهووسون بمذيعات الطقس العربيات
فجأة سّاد الهدوء في المقاعد القريبة من تلفاز كبير مُعلق على جدران مقهى شعبي في الأعظمية وأختفت أصوات رنين أحجار الدومينو ورشقها بقوة على طاولة خشبية وكفّ لاعبيها عن النقاش وتسمّرت أنظارهم نحو مذيعة مثيرة كانت تُقدم نشرة الأحوال الجوية على شاشة قناة “البغدادية” الفضائية.
لم يكن المتسمرون ينصتون جيداً لما كانت تقوله المذيعة الجميلة ولا أحد منهم مهتم بأخبار الطقس بل كانوا يمعنون النظر إلى شيء آخر هو جسد الفتاة وحركاتها، إضافة إلى تفاصيل أخرى بعيدة عما ردده لسانها.
هذه المذيعة الشابة التي تبحلقت الأعين فيها مصرية الجنسية تُدعى انجي علاء، ومعروفة لدى الشباب العراقي ذكوراً وإناث، بـ”تغنجها” وارتدائها للأزياء المُثيرة والكاشفة أحيانا لتقاسيم جسدها الممتلئ نسبيا،ك فضلاً عن تنوع تسريحة شعرها ذات اللون الأسود الداكن، وطبيعة ماكياجها الصارخ على غير عادة مذيعات الأنواء الجوية اللائي يُشترط بهن بساطة الشكل الخارجي.
إلا أن ما ترتديه فتاة الطقس هذه من ملابس برّاقة وضيقة وما تقوم به من حركات مثيرة كميلانها المستمر وحركتها المُغلّفة بالدلع التي تتنقل فيها من يمين الأستوديو إلى يساره، فضلا عن ما يبدو انه إصرار من المُخرج على إظهار طولها الفارع جعلت الشاب إبراهيم السامرائي وآخرين من أصدقائه مهووسين بمتابعتها كلما ظهرت في التلفاز.
السامرائي وهو طالب جامعي في مطلع العشرينات من عمره تحدث لـ”نقاش” عن هوسه هذا قائلا “لم أكن أتابع تلفزيون البغدادية إلا نادراً، لكن وبسبب هذه المذيعة المُثيرة أدمنت على متابعة هذه القناة في شكل شبه يومي وتحديدا الفقرة التي تقدمها”.
ويحتفظ هذا الشاب العشريني بمجموعة من مقاطع الفيديو في هاتفة المحمول، للمذيعة المصرية وهي تقدم نشرات سابقة لأحوال الطقس، كما جعل صورتها وهي تضع على رأسها “بوند” أحمر اللون بنقاط بيضاء خلفية في جواله.
الإعجاب الشبابي بهذه المذيعة “المُثيرة” تحول إلى ظاهرة على ما يبدو، إذ حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من تعليقات الانبهار والسخرية، ونشرت تقارير صحافية في وسائل إعلام عن فتاة الأنواء الجوية التي شّكل ظهورها إثارة للجدل في مجتمع ذو غالبية محافظة.
وفي إحدى المدونات الألكترونية أثنى أحدهم عليها لأنها كما يقول “جعلت العراقيين يتابعون النشرة الجوية ويعرفون حالة الطقس.. فهي إذن أسهمت في تثقيفهم بيئيا”، فرد عليه آخر متسائلاً “لماذا ينتظرها ملايين العراقيين، هل هي الكلاسيكو”؟ في إشارة إلى مباراة لكرة القدم تجميع بين فريقي برشلونة وريال مدريد الاسبانيين.
ومن التعليقات المُتغزلة بالمذيعة الشابة وهي زوجة أحد الفنانين المصرين وصفها بأنها “الشيء الوحيد المُبهج في القنوات العراقية” فيما اعترض آخر قائلا أن “ما تقدمه لم يُعد نشرة جوية بل عرض أزياء”، بينما علّق شاب ثالث ساخراً إن إدارة القناة مطالبة بتمديد فقرة الطقس لمدة ساعة لأنه “لم يستوعب أخبار النشرة الجوية في هذا الوقت القصير” . وكأنه أمام واجب التحضير لأداء امتحان دراسي .
هذا الاهتمام المُبالغ فيه نوعاً ما بات مصدر ترحيب من قبل إدارة “البغدادية” وفقاً لموظف يعمل في مقر المحطة التلفزيونية ببغداد قال لـ”نقاش” إن “إدارة القناة سعيدة بما تحققه فترة إذاعة النشرة الجوية من نسبة مشاهدة مرتفعة قياساً إلى فقرات أخرى سواء عند بثها المباشر أو عن طريق اليوتيوب”.
الموظف الذي طلب الإبقاء على أسمه طي الكتمان أكد إن “بعض العاملين في استوديوهات القناة في بغداد والقاهرة حيث تبث من هناك، ينتظرون ظهور زميلتهم وإبداء التعليقات حول أدائها المهني وتغنجها”.
ظاهرة فتاة الطقس التي تُثير إعجاب الجمهور العراقي لم تقتصر على المذيعة المصرية الشابة بل هناك أخريات حضين بمتابعة جيدة وإن لم تكن بنفس المستوى الذي تحظى به “حارقة القلوب” كما يطلق البعض على انجي علاء.
ومن المذيعات العربيات اللواتي كانت لهن حصة من هذا الهوس بين صفوف الشباب العراقي، اللبنانية دارين شاهين مذيعة النشرة الجوية في تلفزيون “الجديد” وزميلتها ميشيلا حداد التي تُقدم نشرة أنواء المناخ من على شاشة محطة (mtv)، والأردنية رُبى خليل مقدمة النشرة الجوية في قناة “الجزيرة” الإخبارية، وكذلك المغربية مريم سعيد مذيعة نشرة الطقس والبيئة في قناة (mbc) السعودية.
جميع هذه الأسماء اختزنتها ذاكرة الشاب محمد توفيق الذي كان جالساً إلى جانب السامرائي يتابع بشغف هو الآخر نشرة طقس “البغدادية”.
الولّع بفتيات الطقس لم يقتصر على الذكور من الشباب بل كانت للإناث حصة إذ يؤكد السامرائي ورفيقه إن زميلات لهما في الجامعة يتابعن بشغف انجي علاء وغيرها من المذيعات، وهناك من تفضل اللبنانية في حين أخريات يفضلن الأردنية، وفريق ثالث منهن يحبذن المغربية، لكن الغالبية مع المصرية وذلك لأنها تحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة، بسبب توقيت الفقرة التي تقدمها والمعروف موعده من قبل الكثيرين في العراق.
ورغم أن شاشات القنوات العربية الأخرى وتحديدا اللبنانية، لا تخلو من مذيعات الطقس الجميلات، لكن من تم ذكرهن يحققن أكثر نسبة مشاهدة من قبل هذين الشابين العشرينيين وغيرهم من الشبان العراقيين لا بل حتى من هم أكبر سناً.
إذ يؤكد حميد أبو مصطفى وهو صاحب الكازينو الشعبي لـ”نقاش” أن “عدوى الهوس الشبابي بمذيعة الطقس، انتقلت إلى مرتادي المقهى من كبار السن أيضا”.
ويضيف “أخذ بعضهم يُذكرني مازحاً بموعد النشرة الجوية من على شاشة البغدادية، إذا ما انشغل الشباب في لعب الدومينو والكوتشينة أو متابعة مباراة بكرة القدم”.
أبو مصطفى وهو رجل أشيب في نهاية العقد الخمسيني من العمر، أوضح انه “في عصر أحد الأيام وعندما كان الشباب يتابعون بشغف مباراة كرة قدم تجمع بين فريقي انجليزيين، صاح احد الزبائن من كبار السن متسائلا: إلا تتابعون اليوم حارقة القلوب؟ فجاء الجواب من أقصى المقهى “لم يحن موعد ظهورها بعد”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية