تحذيرات إيران من داعش.. كابوس العودة أم لعبة سياسية خطرة؟
أثارت التحذيرات الإيرانية من سيناريو مرعب، يتمثل بانبعاث تنظيم داعش من جديد، تساؤلات عديدة حول مستقبل المنطقة واستقرارها خاصة بعد سقوط نظام الأسد، حيث تفتح التصريحات الإيرانية الباب أمام مخاوف جديدة، إذ أكدت طهران وجود تهديدات أمريكية في شمال سوريا قد تمتد إلى العراق.
وحذرت إيران من وجود معسكر أمريكي في شمال سوريا، يتم فيه تدريب 10 آلاف عنصر من تنظيم داعش خلال السنوات الأربع الماضية، وفقاً لتصريحات أمين مجلس التنسيق الأعلى لرؤساء السلطات الثلاث الإيرانية، محسن رضائي، الذي أشار إلى احتمال أن تكون المناطق العراقية مثل الموصل أو تكريت أهدافاً مستقبلية لهذه العناصر خلال الأشهر المقبلة.
ورغم خطورة التصريحات الإيرانية وثقل شخصية رضائي، إلا أن الحكومة العراقية لم تصدر أي رد رسمي حتى الآن، ما يعني وجود احتمالين؛ الأول أن الحكومة ترى في التصريحات مجرد تهويل سياسي بعد خسارة طهران نفوذها الإقليمي الممتد من بغداد إلى سوريا، ثم لبنان، أو أن هناك ارتباكاً سياسياً وأمنيا لدى العراق، في التعاطي مع التحذيرات الإيرانية، خاصة أن طهران كانت لاعباً محورياً في سوريا لمدة 13 عاماً، ولا يُتوقع أن تكون تصريحات مسؤول بارز مثل رضائي اعتباطية أو غير محسوبة.
مخاوف لدى العراقيين
ويتزامن هذا المشهد مع مخاوف أخرى في العراق، حيث يؤمن قطاع واسع من العراقيين بأن تنظيم داعش، حظي بدعم إقليمي آنذاك ودولي، وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الظروف الحالية تبدو مثالية لإطلاق مثل هذه التحذيرات، خصوصاً في ظل الأوضاع الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة المتوترة.
بدوره، قال الخبير في الشؤون الأمنية رياض الجبوري، إن «توقيت التحذيرات الإيرانية بشأن وجود معسكرات لتدريب عناصر داعش في شمال سوريا يأتي في إطار محاولات طهران للضغط على الأطراف الإقليمية وإثارة المخاوف، خاصة في ظل المبادرات والحراك الدولي لإرساء السلام وإعادة ترتيب المشهد الإقليمي».
وأضاف الجبوري لـ (باسنيوز)، أن «مثل هذه التحذيرات لا يمكن فصلها عن التوترات السياسية والجيوسياسية الراهنة، حيث تسعى إيران لتعزيز نفوذها عبر رسائل سياسية تحمل في طياتها محاولات لتغيير موازين القوى، خاصة بعد التراجع الواضح لدورها في سوريا والعراق».
وأشار إلى أن «الولايات المتحدة كانت حاضرة بقوة في مواجهة تنظيم داعش من خلال التحالف الدولي الذي قادته، وهو ما يجعل فكرة دعمها أو توظيفها، – كما تقول إيران – أمراً غير منطقي، إذ إن معظم العمليات الجوية الحاسمة التي دعمت القوات البرية العراقية جاءت من جانب التحالف الدولي بقيادة واشنطن».
توقيت حسّاس
وفي ظل خسارة إيران لنفوذها في سوريا ولبنان، يطرح سؤال عن مستقبل ما يُعرف بـ «محور المقاومة» الذي تقوده طهران، حيث أجاب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، على تلك التساؤلات بتصريح واضح، أن «من يظن أن المقاومة أصبحت ضعيفة أو أن إيران فقدت قوتها يجب أن يدرك أنها أصبحت أقوى، وستزداد قوة».
وتأتي هذه التصريحات لتسلط الضوء على محاولات طهران إعادة ضبط أوراقها في المنطقة عبر إحياء هواجس أمنية، إذ يشير الحديث عن معسكر أمريكي شمال سوريا وتدريب آلاف من عناصر داعش يشير إلى رغبة إيران في توجيه أصابع الاتهام نحو واشنطن وتحميلها مسؤولية أي تصعيد مستقبلي، مما يمنح طهران مبررًا لتعزيز وجودها في المنطقة أو الضغط على حلفائها الإقليميين، مثل العراق.
كما أن إطلاق هذه التحذيرات جاء في توقيت حساس، حيث يشهد العراق تقاربًا متزايدًا مع محيطه العربي، وتحركات دبلوماسية نشطة تهدف إلى إعادة ترسيخ دور بغداد كوسيط إقليمي.
ويرى مراقبون، أن التصريحات الإيرانية قد تكون محاولة لبث حالة من القلق بين العراقيين ودفع بغداد نحو إعادة التنسيق الأمني الوثيق مع طهران، من جهة أخرى قد تُستخدم هذه التحذيرات كأداة ضغط على المجتمع الدولي في ظل التحركات الأمريكية في شمال سوريا ومحاولة تشويه أهدافها.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية