سبتمبر 20, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

جلال خرمش خلف: التطرف الفكري اساس الارهاب

التطرف الفكري اساس الارهاب

جلال خرمش خلف

   من الاجحاف بحق الابرياء و الشرفاء و الاخيار ان يتم تعميم الاعمال و الافعال على الجميع فليس كل اصابع اليد متساوية و العائلة الواحدة لا تخلو من افراد ذات مستوى من الاخلاق قد لا يصل الى مستوى بقية افراد العائلة . نعم كل الدواعش مسلمين ولكن ليس كل المسلمين دواعش فمن الطبيعي جدا ان يتواجد المجاميع الارهابية و المتطرفة ضمن الديانة الاسلامية كونها ديانة تضم اكثر من مليار و نصف المليار من البشر موزعين على مختلف بقاع العالم ,وفي ظل وجود اشخاص يعتلون المنابر وهم ممتلؤن بالحقد و مشحونون بالطائفية و يفتقرون الى البصيرة و الرؤية الايمانية المتسامحة فالكثير ممن يطلق عليهم داعية اسلامي او رجل دين و رغم كونهم بعدد اصابع اليد الا انهم ومن خلال افكارهم و خطبهم التحريضية يقومون بغسل ادمغة الكثير و الكثير من الشباب الذين يسيرون بلا وعي خلف اناس يستغلون الدين لغايات و مصالح ذاتية او لترضية جهات معينة و لتنفيذ مخططات لا يعلم بها الا المستفيدين منها , هؤلاء الدعاة و رجال الدين بعقليتهم و افكارهم الطائفية والذي يمكن وصفهم بانهم كالسم في المجتمع يحاولون نشر افكارهم و سمومهم البعيدة عن جوهر الدين ومن خلال استغلال الدين وبذلك تنمو المجاميع المتطرفة والتي تتحول من التطرف الفكري الى الارهاب الفكري ومن تم الى الارهاب المسلح وليصبحوا الة لتدمير المجتمعات وقنابل موقوثة لهدم الحضارة و نسف السلام و التسامح .

    يكاد لا يخلو دولة من دول العالم او اي بقعة من العالم الا و فيها مجاميع متطرفة تتحين الفرص و الوقت المناسب لكي تعلن عن وجودها وتعمل على فرض افكارها , لذلك ليس من الغريب ان تظهر تسميات ارهابية لمجاميع تتخذ من الاسلام شعارا لها و وسيلة لتنفيذ غاياتها ومنها على سبيل المثال لا الحصر ( تنظيم القاعدة . انصار الاسلام . انصار الشريعة . داعش . بوكو حرام و غيرها الكثير ) كل هذه المجاميع المتطرفة و الارهابية والتي عاثت في الارض فسادا كانت مجرد افكار و اراء تلقاها مناصروها من بعض رجال الدين الذين اطلق عليهم دعاة او شيوخ الاسلام , ولولا افكار و توجهات تلك الاشخاص لما ظهرت هذه المجاميع الارهابية ولما اريقت انهار من دماء الابرياء الذين لا حول لهم و لا قوة والذين اصبحوا ضحية لافكار و نزوات اناس يفتقرون الى الانسانية في اقل تعبير .

     بقدر ما يتعلق الامر بمنطقتنا ( شنكال ) قبل مجيء داعش كان اهل المنطقة بمختلف اديانهم و مذاهبهم و قومياتهم كانوا متعاونين و تربطهم علاقات و اواصر لا يمكن وصفها بالضعيفة بل كانت العلاقات على احسن مايرام ولم يكن للتطرف وجود او مكان في المنطقة , كان معظم العشائر المحيطة بشنكال من العرب المسلمين ولم يكن ذلك يشكل اي تهديد او خطورة على الايزيدية او المسيحيين بل العكس كانت الكثير من العشائر تساند و تناصر مظلومية الاديان الاخرى , ولكن بعد ان ظهرت الى الوجود الافكار الدينية و انتشرت في المنطقة من خلال اشخاص كان اكثرهم من الغرباء و لا يمدون للمنطقة بصلة و بعد ان تدخلت جهات خارجية و وجدت لها موطىء قدم بين العشائر العربية ونادت بالافكار المتطرفة ولاقت الترحيب و الاستقبال من اناس يحنون الى تلك الافكار و وجدت البيئة المناسبة لزرع افكارها و سمومها بفضل الجهل المستشري بين الكثيرين من ابناء تلك العشائر و بفضل البطالة بالاضافة الى وجود نفوس ضعيفة كانت تنتظر من ياخذ بيدها كي تفرض وجودها .

  هذه الافكار المتطرفة بدأت تنتشر بشكل واسع بين العشائر المحيطة بشنكال و داخل مدينة شنكال نفسها واصبح الكل يرى بعينه تحولات و تغيرات ملموسة لم تكن موجودة من قبل ومنها اطالة اللحية و حلق الشوارب و ارتداء الدشاديش القصيرة و تحريم الاكل وحتى الشرب في بعض الاحيان في بيوت غير المسلمين , لو اقتصر تطرفهم على تصرفاتهم و سلوكهم لما شكل ذلك اي خطورة او مضرة على المجتمع ولكن تطرفهم الفكري قادهم الى تطرف مسلح و جردهم من الاخلاق و القيم الانسانية بحيث تحولوا من اناس شرفاء و اصحاب غيرة الى اناس ارهابيين و مجرمين يفتقرون الى الاخلاق و لا يمدون الى البشرية , فانضم معظمهم الى صفوف الدولة الاسلامية القذرة ( داعش ) والتي اقترفت من الجرائم والانتهاكات بحق الايزيدية ما لم يقترفه اي قوة غازية او مجاميع مسلحة على مر العصور , وعلى المرء ان يتصور حجم الحقد و الكراهية التي تم زرعها في نفوس تلك العشائر كي تمارس تلك الجرائم و تتعاون مع الغرباء في قتل جيرانهم و ابناء منطقتهم ؟

    ان التطرف و التشدد داء يصيب المجتمعات و يقودها الى تدمير نفسها بنفسها و القضاء على مستقبل اهلها و تاريخها ايضا , واذا لم يتم معالجة الافكار الطائفية و القضاء على جذور التطرف و لم تجفف منابع الارهاب فلا يمكن العيش بسلام و لا يمكن التكهن بما قد يظهر من تسميات و مجاميع ارهابية اخرى تحلل و تحرم حسب عقلية و مزاج من يزرع في عقولهم المتحجرة و ادمغتهم الفارغة افكار هدامة و مشاريع قتل و دمار , وللقضاء على تلك الافكار على الدولة ان تعيد النظر بالمناهج الدراسية و تفرض رقابة على اصدار و توزيع الكتب التي تشجع الطائفية و تكرس الانانية , فمع وجود مناهج دراسية تؤثر على عقول الاطفال و تغرس فيهم روح التحريض فان الاجيال القادمة ايضا معرضون للاصابة بفيروس الافكار المتطرفة والارهابية , كما لا ننسى ان فرض الرقابة على الخطب الدينية و مراقبة سلوك و خطب الاشخاص الذين يحرضون الناس في خطبهم و يحاولون فرض افكار عنصرية و هدامة , تساعد في الحد من انتشار المد الطائفي و تعزز روح التسامح .

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi