لالش بوجهه الثقافي
شفان شيخ علو
۲۹ سنة هي عمر مركز لالش وغداً “13-5-2022” سندخل في نطاق عمر الثلاثين. ورقم “29” ليس بالقليل أو المحدود القيمة، بالنسبة إلى مركز ديني، ثقافي اجتماعي، وسياسي… أي متعدد الوظائف كلالش، وقد واجه تحديات كبيرة داخلاً وخارجاً، وبصورة خاصة جهة أعداء الكورد، والإيزيدية في الواجهة، وكان الغزو الداعشي الهمجي من أخطر هذه التحديات المصيرية في مطلع آب 2014، وهو الغزو الذي كلّفنا نحن الكورد والإيزيدية في الصميم خسائر كثيرة، سوى أن ضحايانا وهم شهداء جرّاء هذا الغزو التدميري، فوق كل اعتبار، وجراحنا لا زالت تنزف عليهم، ممن لا زالوا أسرى داعش الإرهابي ورهائنهم، عدا عن المصير المجهول للبعض منهم. وكل ذلك يزيد في ثقل مهام مركزنا لالش الذي يحتضننا نحن الإيزيدية أينما كنّا، لأنه يمثّل في نشأته، وفي أنشطته، وفي صرحه الشامخ رمزاً لصمودنا وقوة إرادتنا بالتأكيد .
وإذا كان هناك ما يستحق الذكر، ونحن نتحدث عن هذا الصرح التنويري ، تكون الثقافة في الدرجة الأولى. ولا بد أن كل من عاش مع وباسم لالش بساعاته وأيامه وسنواته متصدياً لكل المصاعب والتحديات، لا بد أن يذكر أولئك الذين جسَّدوه في أقوالهم وأفعالهم، في علاقاتهم الاجتماعية، وفي مختلف المجالات. والتاريخ يعلّمنا أن الشعوب برموزها من القادة والأبطال المعلومين والمجهولين، من المضحين بالغالي والنفيس في خدمة شعبهم وقضاياه العادلة، وهم الذين يكونون النبراس المضيء والمتراس العصيّ على الاختراق، ومحط آمال شعبهم وأهلهم وقوة إراتهم ووحدتها .
وفي الإمكان التذكير برموز لا ننساهم نحن الإيزيدية، وأولهم الشيخ شامو، وهو شهيد قضيته الكوردية والإيزيدية ضمناً معاً. هما وجهان لعملة واحدة، مثّلهما في حياته المليئة بالمواقف البطولية وكان محل ثقة شعبه وأهله كوردستانياً وأبعد .
في سلوكه العملي، وفي تصريحاته، وفي تفانيه، وفي تواضعه، كان مثال الإنسان الحي والمخلص والصريح بما كان يؤمن به ويعبّر عنه في محطات حياة لالش، وهو ما اعترف به الجميع داخلاً وخارجاً، من خلال ثقافة رفعت من شأنه، ثقافة جمعت بين ما هو ديني إيزيدي، واجتماعي نال بها ثقة كوردستانييه وإيزيدييه .
وحين نأتي على ذكره، فإنما للتعبير عن تقديرنا له، والتأكيد على أن الذي يخلص لعقيدته ولشعبه ومن حوله، ستكون مكانته في النفوس والقلوب عالية وسامية معاً .
وكيف ننسى رجل علم وثقافة وعقيدة قويمة وهو الراحل الآخر پير خدر، والذي سخَّر زهرة شبابه، وعنفوان رجولته وإنسانيته في خدمة لالشنا، أي في خدمة كورده وإيزيدييه في وسطهم. وهي معادلة صعبة، في ظروف عصيبة، مررنا بها، ولازلنا نحسب لها حساباً، معادلة، ووحدهم من لا يقيمون لها وزناً، يمنحون شعبهم الأمل وإرادة المقاومة لكل المخاطر. نعم، كان پير خدر هو الآخر شهيد بحق وحقيق. وكل من يمثّل مصلحة شعبه الفعلية يكون شهيداً، ولن تستطيع أي قوة مهما كان جبروتها من تعريضه هو وغيره في مثل مكانته، للنسيان .
لالش، في وجهه الثقافي، بوجهه الثقافي، هو الواجهة المشرقة التي تظهِر للعالم في القرب والبعد، ما نكون عليه ونعرَف به نحن الإيزيدية، في أفراحنا وأتراحنا، أي في مختلف مجالات الحياة التي نعرَف، كغيرنا، بها .
تحية لروح لالش 29 مرة، وتحية لأرواح الذين احتضنوا لالش، ورفعوا من شأن لالش، وجعلوا من الاسم رمزاً مشرقاً في الداخل والخارج، 29 مرة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية