لذلك أعلنت المرجعية الجهاد
في سابقة قل نظيرها، أعلن سماحة المرجع السيستاني الجهاد الكفائي، بيد أنه لم يكن للمرة الأولى، فقد سبقه الى ذلك الإعلان، إعلان الجهاد في ثورة العشرين، وقيام سماحة المرجع الخميني بإعلان الجهاد، ضد حكم الشاه في إيران.
ذلك تأريخ إعلان المرجعيات الدينية للجهاد في زماننا المعاصر، ولعل البعض يرى من الغريب بمكان، أن يعلن المرجع السيستاني الجهاد اليوم، فيما لم يعلنه في ظروف الحرب الطائفية في السنوات التي أعقبت سقوط النظام البائد.
المرجعية الرشيدة، لم تعلن الجهاد في تلك الحقبة، لعدة أمور منها: وجود قوات الاحتلال؛ فلم يكن الخطر داهماً حينها، ولم يخشى على العملية السياسية من الإنهيار أو التداعي، كما أن العملية الديمقراطية كانت في بداية تأسيسها، وثمة خشية من المغرضين، لإعتبارهم له إعلاناً شيعياً طائفياً ضد الطائفة السنية الكريمة.
أما اليوم وبالرغم من وجود ذات التوتر السياسي، بين الحكومة والسياسيين السنة، بيد أن الأمر مختلف تماماً هذه المرة، ولعدة أمور منها: وجود أطراف سياسية شيعية فاعلة، تقود حملة معارضة ضد الحكومة، من أجل إحداث إصلاحات سياسية. وكذلك وجود سخط دولي وإقليمي من تنظيم داعش، حتى في الدول الداعمة لبعض المنظمات الإرهابية، لما تقوم به داعش من قتال للمعارضة السورية المدعومة من تلك الدول.
بالإضافة الى أن الجهاد الذي أعلنه المرجع السيستاني، كان جهاداً وطنياً، لا يقتصر على طائفة معينة، ولا على طيف معين، وإنما يشمل جميع مكونات الشعب العراقي، وذلك ما أخرس الكثير من المتربصين بالعراق.
المرجعية الرشيدة كانت في قمة الوعي والنباهة والشعور بالمسؤولية كما عهدناها دوماً، فقد قدرت حجم الخطر الداهم، رغم تعقيد المشهد السياسي الداخلي، وما تمر به المنطقة من صراعات، فقد شعرت المرجعية بالمسؤولية الوطنية والتأريخية، بالوقوف بوجه ذلك الخطر، والحيلولة دون عودة البعث وتسلط التكفيريين.
المرجعية الرشيدة كانت ولا تزال وسوف تبقى صمام أمانٍ للشعب العراقي وللوطن، ولها موقف ثابت مرتكز على عقيدة راسخة؛ بوحدة أرض العراق وتراص مكوناته.
كانت المرجعية على صواب في إعلانها للجهاد، فهبت الملايين طوعاً لأمرها، فلا يمكن لشعب أبي كشعب العراق، تقوده مرجعية حكيمة كمرجعية النجف الأشرف؛ أن يقهر أو يذل.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية