لماذا تقصف ايران اقليم كوردستان؟
برهم علي
احدى معضلات الكورد انهم محاصرون من قبل أربعة من اقبح الانظمة السياسية في العالم، منذ سنين طويلة أيّ نظام سياسي يعتلي سدة الحكم في الدول الاربعة (العراق، ايران، تركيا وسوريا) التي تحتل ارض كوردستان سواء اكان النظام ملكيا او جمهوريا، اسلاميا او علمانيا، من السنة أو الشيعة، فانه يجرب حظه ويستعرض قوته في البداية بضرب الكورد ومهاجمتهم، وأي سلاح يبتاعونه او يصنعونه، فانهم يجربونه في البداية بضرب الكورد، بدءاً من عصر السهام والنبال والسيوف والعربات التي تجرها الخيول والاحصنة وصولا الى عصر الاسلحة الكيمياوية ومصفحات الابرامز والمسيّرات ، قتل الكورد مستمر ومازال.
ضرب الكورد ومهاجمتهم ليس حصرا على جيوش دول الاحتلال فحسب بل ان المجاميع المسلحة التي تؤسسها وتدعمها هذه الدول، هذه المجاميع حال يتم الاعلان عن تأسيسها ويتم تزويدها بالسلاح والعتاد، فانها تبدء بالهجوم على كوردستان وضرب الكورد، فالمجاميع المسلحة بمسمياتها المختلفة (انصار الاسلام، جند الاسلام، النصرة، داعش، الحشد الشعبي، المجاميع الاسلامية السورية المتواجدة حاليا في عفرين)، هي اقرب الامثلة لتوضيح هذه الحقيقة، كلها بدأت وتبدء بضرب الكورد في البداية ومن ثم محاربة الاخرين، هذا إن حصل وبادرت بضرب الآخرين.
منذ ايام عدة واثر استشهاد البنت الكوردية (ژينا اميني) تجري التظاهرات في اكثر من 50 مدينة ايرانية بضمنها مدن شرقي كوردستان، والحكومة الايرانية عوضا عن مراجعة سجل حقوق الشعوب الايرانية وحقوق مواطنيها ومن ثم السعي لتعديل بعض القوانين والقرارات أو تلتفت الى الواقع الاقتصادي للبلد وتبذل الجهود من اجل معالجة حالة الغضب والغليان الشعبي، تقوم بمهاجمة لاجئي شرق كوردستان وضرب مدارس الاطفال ومقرات احزاب المعارضة الكوردستانية الايرانية في مناطق زرگويز وشيراوة وكوية بالصواريخ البالستية والمسيّرات المفخخة وغير المفخخة، وليس لديها من مبادرة سوى قتل الكورد وكأن اخماد التظاهرات الغاضبة في قلب طهران يأتي من خلال دك الكورد حتى وان كانوا لاجئين يقيمون خارج حدود ايران.
أي دولة تضرب ايران، لن تستطيع ايران ردها وردعها بل تقوم بضرب الكورد ومهاجمة كوردستان. اسرائيل تضرب المحطات النووية في قلب ايران وتغتال علماء الذرة الايرانيين، وتقتل كبار الضباط الايرانيين في سوريا، ومقابل الضربات التي توجهها اسرائيل ضد اهداف ايرانية، تقوم ايران بمهاجمة اربيل عاصمة اقليم كوردستان بالصواريخ.
العراق ابان حكومتي المالكي والعبادي كان غارقا في بحر من المشكلات والأزمات ، الا ان الحشد الشعبي والجيش قد هاجما اقليم كوردستان. والعراق الحالي الذي مضى حوالي عام كامل على الانتخابات الماضية الا انه مازال عاجزا عن تشكيل الحكومة الجديدة، مع هذا نرى بان السلطات والقوى المتنفذة في بغداد تسعى من خلال توظيف المحكمة الاتحادية لضرب كوردستان ومحاربة حكومة اقليم كوردستان. في الحقيقة فإن العراق بات يفتقد كل مقومات الدولة ، بإستثناء انه يتعامل من موقع الدولة ازاء الكورد فقط.
تركيا تعيش ازمة اقتصادية عسيرة وشهدت عملتها تدهورا كبيرا، مع هذا نراها تطلق عنان طائراتها المقاتلة لتهاجم السوّاح في زاخو او تقتل المدنيين في روبوسكي.
النظام السوري انحصرت سلطاته في مساحة محددة من البلد ، والجغرافية السورية مقطعة بين مناطق سيطرة او نفوذ العديد من الميليشيات والقوى والدول مثل تركيا وروسيا وايران وامريكا، نراها تهمل جميع مناطق النفوذ والسيطرة ولا تفكر سوى باسترداد الارض والمناطق التي تقع تحت سيطرة الكورد بشكل من الاشكال.
هذه هي الدول التي تتقاسم الوطن الكوردستاني وهي تضرب طوقا ناريا حول كوردستان وشعبها ، واللعنة كل اللعنة على سايكس بيكو التي قسمت الكورد وبلادهم على هذه الدول القومجية المتعصبة ذات الميول العنصرية.
ان الهجمات التي قامت بها قوات الحرس الثوري الايراني يوم 28 سبتمبر/ ايلول ضد مناطق عدة في اقليم كوردستان، تهدف من ورائها الى نقل ساحة المواجهة من شوارع 50 مدينة ايرانية الى خارج البلد وبالتحديد الى اقليم كوردستان، لأنها لا تتجرأ على مهاجمة طرف آخر غير الكورد كونهم الحلقة الاضعف من وجهة نظر الحكومة الايرانية. المسؤولون الايرانيون يمتلكون الخبرة والدراية في أنه حالما تنطلق ازمة كبيرة داخل ايران فانهم يسعون الى نقل وتصدير هذه الازمة الى خارج حدود البلاد وذلك لنقل التركيز وتحويل الانظار عن الأحداث الداخلية الى مكان آخر خارج الحدود ، لذلك من المهم ان يتعامل اقليم كوردستان وكذلك احزاب شرقي كوردستان بمزيد من الدراية والحذرة والهدوء والحكمة مع مستجدات الساحة.
بقي الكورد وسيبقون، والذي جرى ضد الكورد طوال آلاف السنين، لا اعتقد بأن امة اخرى جرى لها ما جرى للكورد ، ولن تستطيع امة اخرى تحمل كل الذي جرى ضد الكورد طوال العقود المنصرمة. ومنذ سايكس بيكو هناك حالة من عدم التوازن في المنطقة ، من بين اربع امم تم حرمان الكورد فقط من حق بناء الدولة ، الفرس والترك والعرب بنوا دولهم، لذلك طالما بقي الكورد محرومين من حق الدولة والسيادة، فان الدول الاربعة المذكورة أعلاه لن تنعم بالاستقرار، سواء أكان الكورد اقوياء او ضعفاء، فلا بأس بذلك ولا مشكلة في ذلك، بل ان هذا الاختلال لن يجد طريقا للحل سوى ببناء دولة للكورد.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية