ديسمبر 04, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

طارق كاريزي: هل من طبيب لجرح سنجار؟

هل من طبيب لجرح سنجار؟

طارق كاريزي

خلال العقدين الماضيين من 2003 حتى 2023، عاش العراق في حالة صعبة من التغيير الذي شابه عواصف مدمرة من الصراع والحرب الداخلية الرهيبة التي تركت آثارا قاسية على اللحمة الاجتماعية والنسيج الوطني العراقي، ودفع ملايين العراقيين باهظا ضريبة تشابك الاجندات وتداخل خيوط الصراع، وبلغ العنف أقسى درجات البطش والتطرف وأشد مراحل التهديد خطورة.

في خضم هذه الاجواء الخطرة التي مرّ بها البلد، أصيبت عدد من المحافظات بالكامل بحالة من النكبة التي لم يشهدها البلد طوال أكثر من قرن مضى، البنى التحتية دمرّت والرصيد الحضاري وبناه تم نسفه وتبديده، وتشرد الملايين من العراقيين نازحين ومهاجرين. هذا الوضع الصعب الذي أدخل الشعب في أتون مظلم، دفع المجتمع الدولي لنجدة العراق ومساعدته من حيث الجهد العسكري للخروج من أزمته الخطرة جدا.

وضمن اجمالي صورة المشهد التراجيدي العراقي، كان لمدينة سنجار وأهلها صورة موغلة في المأسوية وجرح أكثر عمقا بما لا يقارن مع ما حل بباقي العراقيين في المناطق التي تعرضت لنكبة الارهاب وعبث مسلحيه. العراقيون في جميع المناطق التي وقعت تحت سلطة ونفوذ المجاميع المسلحة للمتطرفين، تعرضوا للقتل والاضطهاد والجوع والتشريد وخراب الأملاك وخسارة المال، لكن الذي حل بأهالي سنجار تجاوز كل ذلك، فقد تعرض أبناء هذه المنطقة الكريمة الى صور بشعة من القهر والظلم تجاوز بأضعاف ما تعرض له الباقون.

لقد نفّذ مسلحو داعش ما هو أشرس وأبشع من شرعة الغاب وأساليب أكثر ظلامية مما طبق في القرون المظلمة، ضد المدنيين في سنجار. عدد غير اعتيادي من المقابر الجماعية، حملات ابادة وتصفيات جسدية رهيبة، أسر أكثر من (6) آلاف كسبايا تم التعامل بهن في سوق النخاسة، علاوة على عبث الارهابيين بشكل فاق كل الحدود والتصورات بمصير سكان سنجار الذين لجأ أكثر من 100 ألف منهم الى جبل سنجار ولاذ مئات الآلاف منهم بالهرب نحو محافظات اقليم كوردستان وسوريا فيما هاجر أكثر من ألف100 آخرين منهم الى بلدان المهجر.

أكثر من ست سنوات مرّت على طرد داعش من سنجار، الا ان جراح المنطقة مازالت تنزف. فلم تتهيأ الظروف حتى الآن لعودة حوالي 300 ألف منهم يعيشون في مخيمات في محافظة دهوك، الوضع الأمني في المنطقة مازال غير مستقرّ، بسبب تعدد القوى الأمنية العاملة في المنطقة وتباين مرجعيات كل منها، مما ينذر بتفجر الأوضاع في اي لحظة ممكنة. والأدهى والأخطر من كل ذلك، هو اعادة توطين المتورطين والضالعين ضمن اطار تنظيم داعش بجرائم ضد أبناء سنجار في المنطقة بعد اعادتهم من مخيم الهول في سوريا.

سنجار من المناطق المتنازع عليها بحسب منطق الدستور العراقي، وهي منطقة كوردستانية عزلتها الحكومات السابقة عن كوردستان، وهذا يعني ان طرفي الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان مسؤولتان معا حيال ملف سنجار وتداعياته وتفرعاته. حري بكلا الطرفين ان يسعا لما هو في صالح أبناء هذه المنطقة الأكثر تضررا ماديا ومعنويا من ظاهرة تمدد دولة الارهاب خلال الفترة 2014- 2017، ومن دون تعاون الطرفين لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في سنجار بالشكل الذي يمهد لعودة النازحين من أهلها ضمن اطار تطبيع الأوضاع في هذه المنطقة المنكوبة.

الاتفاقية التي سبق وأن تم توقعيها من قبل بغداد واربيل ودعمتها الأمم المتحدة، هي خارطة طريق مثلى للبدء بحل ومعالجة ملف سنجار بالشكل الذي يمهد لعودة النازحين ولتبدأ حملة اعادة اعمار المنطقة التي مازالت تعاني الأمرّين من مخلفات الارهاب.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi