قانون الناجيات الإيزيديات – من الانصاف الى التهميش
خضر دوملي
منذ صدور قانون الناجيات الايزيديات ذي الرقم 8 لسنة 2021 دار الكثير من النقاش حوله، أعتبره البعض أنجازا مهما للحكومة العراقية، وأعتبره اخرون أنه ليس سوى تقليل من الإبادة التي تعرض لها الايزيدية ، وأخرون أشارو أنه لايضمن كامل الحقوق التي لابد ان تتمتع بها الناجيات من قبضة تنظيم داعش.
هذه الايام يدور حديث عن تعديل القانون لكي يتم اعتبار المشمولين به – بما ورد فيه من حقوق للنساء من المكونات الاخرى وخاصة – التركمان والشبك بأعتبار ان تاريخ الشمول يكون اعتبارا من 10 حزيران 2014 .. هذا الامر الى جانب محاولات لتغيير أسم / عنوان القانون ومحاولات ضمنية اخرى لم تظهر للسطح بعد واعتماد هذا التاريخ سيجعل الألاف يقدون للتسجيل كما يحصل الان وسيعرقل تنفيذ القانون و يتعرض الى الاهمال و قلة الاهتمام .
هذا الامر جعل النشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الناجيات وممثلي المنظمات المعنية و ناشطين من المجتمع الايزيدي يرفعون الاصوات عاليا مطالبين بعدم المساس بالقانون بأعتباره الدليل الوحيد – الاقل والاصغر شأنا أتخذته الحكومة العراقية تجاه الايزيدية بعد تعرضهم الى إبادة جماعية على يد تنظيم داعش في الثالث من آب اغسطس 2014 لدعم الحكومة لهم.
لايوجد أي شخص يعترض لدعم النساء الضحايا من أي مكون عراقي كان ضحية لجرائم داعش، وسبق ان أشار العديد منهم الى ضرورة واهمية شمول القانون للنساء ضحايا جرائم داعش من المكونات الاخرى، وسبق في اولى المحاولات الى صدور القانون ان رافق هذا النقاش وهذه الدعوات ولكن أدراج هذه الضحايا تدريجيا الى القانون ومن ثم تدريجيا لتغيير مضمونه سيفقد الثقة المهزوزة للمجتمع الايزيدي بالمشرع العراقي اولا والحكومة ثانيا – المشرع الذي يتجنب أصدار قانون خاصة بجرائم تنظيم داعش كجزء من العدالة والانصاف- والحكومة التي لابد لها ان تنصف الايزيدية بأعتبار ان القانون هي أحدى أدوات / اليات الانصاف والعدالة ورد الكرامة للمجتمع الإيزيدي عموما و النساء خصوصا.
فمراجعة سريعة للمقارنة بين وضع النساء الايزيديات ضحايا تنظيم داعش والنساء من المكونات الاخرى يبين بوضوح لماذا من المهم بقاء القانون فقط للايزيدية؟ وفتح منافذ اخرى لدعم النساء المعرضات للعنف اثناء سيطرة تنظيم داعش بشكل عام والنساء من الشبك والتركمان والمسيحيين بشكل خاص.. فالنساء الايزيدية تعرضوا الى سلسلة من الاجراءات المنافية لحقوق الانسان والمنافية للقيم الانسانية – تعرضوا للخطف الاجباري – تم أسلمتهن بالقوة والعنف – تم الاعتداء عليهم جنسيا بالقوة – تم بيعهن كجوارى في سوق النخاسة – تم تثبيتهن كسبايا – ومن ثم عتق الرقبة وأعادة بيعهن و حتى وصل الامر أتخاذهن كهدايا تبادلها مقاتلو داعش واصبحوا أداة من ادوات الحرب و إبادة المجتمع الايزيدي ..تم تثبيت هذه الامور في وثائق تنظيم داعش ولم يحصل هذا الامر للنساء من المكونات الاخرى مع جل الاحترام والتقدير لأية أمرأة عانت ما عانته من ظلم وأعتدادت داعش .. لذلك يجب ان يتم منح جميع النساء حقوقهن ووخاصة العلاج والتأهيل والادماج والمشاركة المجتمعية بدون استثناء ولكن يجب تصنيف حجم ومستوى وتاثير الضرر .. والأخذ بنظر الاعتبار ..
لاينكر ان القانون مبادرة مهمة وحقق بعض النجاحات ولكنه يتعرض الى العرقلة في التنفيذ موضوع بهذا الحجم لم تستطع الحكومة تخصيص بناية خاصة تتوفر فيها المعايير والمقايس .. رغم ان الكادر العامل فيها حقق مهام جدا صعبة و اصبح بالامكان للعديد من الناجيات الحصول على الراتب الشهري ….
جرت نقاشات عديدة وأقيمت ورش عمل ومؤتمرات كثيرة حول اليات تطبيق القانون إلا انه لايزال يواجه الكثير من العراقيل .. فبدلا ان يكون القانون أداة لأنصاف المجتمع الايزيدي ورد الاعتبار لكرامة الضحايا / الناجيات بات محل شد وجذب وعرقلة متعمدة وغير متعمدة لسحب هذا الانجاز الحكومي للايزيدية وتمويعه ومن خلاله تقزيم القضية الايزيدية .. وعلى لسان احد الحقوقيين الايزيدية: فأن الحكومة العراقية تريد ان تأخذ ما أعطته للايزيدية من حقوق في هذا القانون من الباب لتسرقه من الشباك بمحاولات عرقلة تطبيق بنوده وتعديله…
لايوجد أي منصف يعترض على شمول النساء الاخريات بحقوق التعويض والعلاج والتأهيل والادماج للنساء ضحايا داعش ولكن مخاوف الايزيدية بأن هذا الامر ممنهج وسيكون الخطوة الاولى لتفريغ القانون من محتواه الاصلي / الاساس الذي صدر من أجله ألا وهو رد الكرامة وانصاف الايزيدية… وتدريجيا سيتم تعيين مدير جديد و سيطرة عليه لتغيير مساره.. اتمنى ان تكون هذه المخاوف كهبوب الامطار صيفا…
فألى جانب وجود الكثير من الثغرات في القانون ، ألا ان عرقلة وتحديات تنفيذه تزداد يوما بعد أخر وبات توجيه سياق تطبيق القانون لكي يكون مطلب النساء الضحايا الناجيات فقط الراتب الشهري هو الهم والمطلب الاكبر، ويجري بحسب شهادات وافادات من ناجيات العمل على هذا الامر بشكل غير لايق… مثلا عند التحقيق في اثبات صحة وقوع الناجيات في قبضة تنظيم داعش يتم الترويج بأهمال ذكر اسماء الذي ارتكبوا جرائم الاعتداء الجنسي والسبي و الخطف للاسراع في الوصول للحقوق وحتى لاتمرر الشهادات في اجراءات التحقيق والتدقيق التي تأخذ شهورا وشهورا ، وهذا بحد ذاته أمر خطير الى جانب العراقيل الاخرى المتمثلة بعدم شمول الجميع بقطع الاراضي…. أبقوا القانون كما هو لأثبات صحية ونية الحكومة من أنها مع أنصاف الايزيدية ورد الكرامة للضحايا وذويهم الذين ذاقوا الويلات في قبضة تنظيم داعش.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية