عيد “الأربعاء الأحمر” .. تجدد الأرض وبداية الحياة عند الايزيديين
زيدو باعدري
(وا هات چارشموا نيسانێ, جوابێ بدەن كوردستانێ , بلا قایم كەن ئیمانێ، شرفدين ميرە ل ديوانێ) ، وتعني بالعربية: (ها جاء أربعاء نيسان , أعطوا الجواب لكوردستان ,كي يقووا الإيمان,شرفدين أمير في الديوان).
قلما نجد كاتبا الف کتابا او حتی کتب مقالا عن الایزيدیة الٱ وقد توقف عند هذا العید العريق الضارب في القدم ، وهو عيد رأس السنة عند الكورد الإيزيديين، ويصادف اول أربعاء من شهر نيسان الشرقي من كل عام الذي يتأخر عن النيسان الغربي بـ 13 يوماً، ويحتفل به الإيزيديون في أماكن تواجدهم في جنوبي كوردستان (إقليم كوردستان) وغربي كوردستان (كوردستان سوريا) وشمالي كوردستان (كوردستان تركيا) وشرقي كوردستان (كوردستان إيران)، ومناطق متفرقة من آذربيجان وارمینيا وجورجیا وافغانستان وروسيا والكثير من الدول الأوروبية وخاصة في المانيا وهولندا والسوید.
تسمية الأربعاء الأحمر ؟
واهات چار شەمبووا سۆرە
نیسان خەملاند ب خۆرە
ژ باتن دا هەر یە ب مۆرە
وترجمتها: “جاء الأربعاء الأحمر
مزينا معه شهر نيسان
وهو منقوش منذ الازل”.
يری الإيزيديون في میثيولوجيتهم الخاصة أنهم يسمونها بالأربعاء الأحمر ( لأنه في هذا اليوم المبارك ضخ الاله الاوحد الدم في جسم ابونا ” آدم” علیه السلام فاكتمل اللحم والعظم عليه وجرى الدم في جسده، وبعثت الحياة على هذا الكوكب ، الأرض). لذا نجد اسم الاربعاء مرارا وتكرارا في الاقوال والنصوص الدینية الایزیدية، ویعتبرونها من اكبر الاعياد قطعا.
ویقول الایزیدیون في هذا العيد (سەردار خەملی، وبن دار كه ملي) ويزدهرالربيع خلابا بالاعشاب العطرة، والورود الزاهية، ويكسو الارض في اماكن متعددة اللون الاحمر من كثرة شقائق النعمان (زهرة نيسان) حيث يزين بها الايزيديين مع قشرة البيض الملون، الجزء الاعلى من ابوابهم في صباح يوم الاربعاء المقدس.
وبحسب المعتقد الإيزيدي، فإن الایزدان انتهى من خلق الكون في الأربعاء الأول من أبريل/ نيسان، لذا وُصف ” الأربعاء الأحمر” بيوم الخليقة.
وتحضيرا ليوم العيد، يبدأ الرجال والنساء بعصر الزيتون في معبد لالش قبلة الإيزيديين في صباح العيد، ويشعلون 365 قنديلا بعدد أيام السنة، مستخدمين زيت الزيتون النقي.
الإيزيديون يحتفلون بـ جار شمبوا سور ( الأربعاء الأحمر) حاملين القناديل في معبد لالش النوراني الذي يبعد حوالى 12 كم شمال قضاء الشيخان، في محافظة دهوك في إقليم كوردستان.
يعد “الأربعاء الأحمر” يوم انبعاث الخليقة وبدء الكون، لذا يعتبر هذا اليوم مقدساً ومباركاً عند الإيزيديين، الذين يستيقظون هذا اليوم باكراً ويرتدون أجمل ما عندهم من حلي وملابس ، ويزينون منازلهم بأزهار شقائق النعمان، والأنوار، وقشور البیض الملون. ويضحي من لديه القدرة بـ ” القربان” أي ألذبيحة، سواء كان خروفاً أو عجلا وما شابه ذلك.
أما الشابات والشباب فيبدأون بتلوين البيض المسلوق، وتلون كل ثلاث بيضات بلون فصل من فصول السنة ( احمر اصفر اخضر ازرق…) ، وتوضع في طبق في غرفة الضيوف، اضافة الى الحلويات، خاصة الكليجة، وانواع الفاكهة… والبيضة في المعتقد ترمز إلى الحياة و كروية الأرض.
والبيضة في المعتقد الايزيدي ترمز الى الحياة وتشكيلة الارض، وسلقها هو إشارة إلى تجمد الأرض، وقشرة البيضة بعد سلقها ترمز إلى ذوبان طبقة الجليد عن وجه الأرض، أما أللون الابيض الزاهي فيدل على الربيع وبداية الحياة.
وفي صباح الثلاثاء الذي يسبق العيد، يخرج الناس لزيارة قبور الموتی بحضور الموسیقی الدینیة حاملين معهم جميع أنواع الفاكهة والحلويات و الاكلات لتوزيعها على الأطفال والفقراء كصدقات. كما تُمنع حراثة الأرض في هذا الشهر عامة وهذااليوم خاصة، لتقوم الطبيعة بدورها في تفتح البراعم والزهور.
يتجنب الإيزيديون الزواج في هذا الشهر، مثلما يتجنب المتزوجين العشرة في ليلة الاربعاء، لأنهم يعتقدون أن ذلك سيجلب النحس إلى حياتهم، فشهر نيسان في المعتقد الايزيدي هو “عروس السنة” التي لا تضاهيها جميع العرائس. قدسية هذه الليلة تنتقل الى نفوس الناس، حيث يتحلون بالصبر والعفو والطيب ، لذلك فان الكثير من المشاكل الاجتماعية تحل في هذا اليوم.
وهنا نتمنی من المجلس الروحاني والمتتبعین للشان الایزیدي ان یكونوا اكثر حرصا، لان هناك مخططات خبيثة تحاك في الدهالیز ضد الايزيديين والايزيدية ، وفي حال تمريرها او نجاحها ، نتائجها ستكون مخیفة ووخیمة.
وهنا ارتاینا من الضروري ان نقدم شكرنا وتقديرنا لبرلمان وحكومة اقليم كوردستان على جعل هذا اليوم المقدس عطلة رسمية لعموم كوردستان.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية