خسارة الشيوعيين.. ناقوس خطر يدق في سماء كوردستان!
مهند ناسو السنجاري
مجدداً وللمرة الثالثة على التوالي بعد انتخابات البرلمان العراقي ومجالس المحافظات، يقع الحزب الشيوعي ضحية لمبادئه، على غرار اغلب الأحزاب الشيوعية في العالم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
فما ينفك الشيوعي الكوردستاني أن يتجاوز صدمة حتى يواجه أخرى أكثر شدة،ورغم الإخفاقات المتتالية فترى الشيوعي الكوردستاني والذي هو امتداد للشيوعي العراقي، يلعق جراحاته ويتوثب للمضي قدما لاستكمال مسيرته النضالية الشاقة ،على ضوء برنامجه وأهدافه التي خطت بدماء قوافل من الشهداء قدمها على مذبح الحرية.
فمنذ لحظة إعلان نتائج انتخابات برلمان كوردستان والحزب الشيوعي الكوردستاني أشبه بخلية نحل هائجة ،يتخبط في مستنقع الإحباط جراء النتيجة السلبية التي حصل عليها 81 مرشح ضمن قائمة (ازادي).
يبحث عن أسباب فشل المعادلة التي بنيت على النهج الديمقراطي وعلى أساس متطلبات الجماهير إلى جانب تطورات كل مرحلة.
وهذا وسط سيل من الأسئلة والانتقادات من قبل الأعضاء والأصدقاء والمؤيدين للحزب ،فضلا عن الانتقادات الآتية من وراء الحدود من قبل عدد من الكوادر القيادية المتقدمة في الشيوعي العراقي والكوردستاني من الذين اعتكفوا العمل السياسي وفي انتظار الإخفاقات لتصيد الأخطاء،ليس بعيدا عن المؤازرة فحسب ..بل بعيدا عن الانتقاد الموضوعي الذي يفتقر للعمق التحليلي لمعالجة الأخطاء أن وجدت، والوقوف على المسببات لبلورتها لصالح الحزب. فقد وصلت درجة التناقض والانتقاد الغير بناء إلى حد الشماتة ،والتشفي من قبل بعض المحسوبين على الحزب.. حتى قبل الغرباء وقبل أو من يصنفون في خانة الأعداء.
وبعيدا عن الإطار الداخلي للحزب،وكما يدرك الجميع فليس هناك من يستطيع أن يزايد على ما قدمه ويقدمه الشيوعيين في العراق وكوردستان على مر “وأمر” العقود ،من حيث التضحية والنزاهة المتمثلة في نكرات الذات وتفضيل المصلحة الوطنية والتمسك بالثوابت الديمقراطية الحقيقية، ناهيك عن قوافل الشهداء التي قدمت من اجل اسمي أهداف الحزب “حق تقرير المصير لشعب كوردستان”.
فحين يخفق الحزب الشيوعي في الحصول على الأصوات المرجوة التي تتلاءم وتاريخه النضالي ،لابد ان يقف المواطن الكوردي لوهلة ويتساءل في قرارة نفسه:لماذا اخفق الحزب الشيوعي؟بلا شك وحسب رأيي المتواضع فانه لن يلاقي غير الإجابة الأكثر منطقية ” الولاء العشائري إلى جانب الو لاءات الدينية” .
ورغم ان العرس الانتخابي الأخير في كوردستان كان نموذجا حيا للديمقراطية وبأعلى درجات النزاهة والشفافية،ولكن بعد فرز النتائج تبين بان اغلب المرشحين من الفائزين هم من الطبقة “البرجوازية أو الراديكالية”وهذا ما يجسد بان غالبية الناخبين في كوردستان اختاروا مرشحيهم من خلال الانتماءات العشائرية والدينية والتي هي جزء من الانتماء الحزبي، وقلة هم من اختاروا مرشحيهم على أساس البرنامج الانتخابي لكل مرشح او قائمة.
ففي الوقت الذي يلتمس الحزب الشيوعي الكوردستاني التأييد الشفهي العام في المجتمع الكوردستاني من (فلاحين وعمال وشبيبة ومثقفين ونساء وايضا رجال دين وعشائر وحتى على المستوى السياسي لبقية الأحزاب)الذين يكنون له كل الاحترام والتقدير،ويشيدون بتضحياته وتاريخه وبرنامجه وفكره التقدمي..إلا أنهم لا يصوتون له يوم الاقتراع!
وخير دليل على ما ذكر : كيف لنا أن نفسر بان مرشح واحد من كتلة معينة استطاع حصد عشرات أضعاف ما حصده 81 مرشح شيوعي، اغلبهم من فطاحل السياسة والفكر المتقدم،ولهم باع طويل في الإدارة والثقافة إلى جانب تاريخهم المشرف في صفوف البيشمركه؟وليس القصد هنا الانتقاص من كفاءة مرشح معين أو التقليل من شان كتله معينة لغرض تفضيل الحزب الشيوعي على بقية الحركات والأحزاب الكوردستانية .
فحين نقوم بتشخيص علة طالت الحزب الشيوعي الكوردستاني فإنما نقوم بالوقوف على مسببات العلة ،التي يمكن لها أن تتفاقم وتنتشر لتطال الجسد الكوردستاني بأكمله،كما لابد من التنويه بان خسارة الحزب الشيوعي أو أي حزب أخر فإنما هو بمثابة خسارة فريق كوردي، لن يؤثر على الوصول لكاس البطولة الكوردستانية.
وحين نتحدث عن الولاءات العشائرية لايعني بأنها غير ناجحة..بل على العكس فهي أكثر ما يخدم المجتمع الكوردستاني في الوقت الراهن،في ظل التحديات الأمنية والصراعات السياسية على مستوى الإقليم والخارج،ولكن لايمكن اعتمادها أي “الولاء العشائري والديني وايضا الحزبي”كنموذج ثابت تحذي به الأجيال ،وليس من الصواب التعويل على هذا النهج لاستكمال المسيرة الديمقراطية في كوردستان ،فالشعب الكوردستاني غير الشعوب في (باكستان وافغانستان او الشعوب الخليجية)ذات الطابع القبلي والطائفي ، فهو شعب له تاريخه وحضارته وثقافته ومفكريه ،فكردستان لم تصل إلى ما هي عليه ألان بالخلافة أو الصدفة بل من خلال جبال من الجماجم وبحور من الدم على مر عقود من المعاناة والألم، والظلم والاستبداد على يد السلطات المحتلة أو الحكومات المتعاقبة.
فمستقبل كوردستان أكثر ازدهارا وأكثر تقدما ،لن يكون إلا من خلال اختيار المرشح على ضوء برنامجه وكفاءته وتاريخه النضالي،بعيدا عن التوجه القبلي والديني،وغير ذلك فان خسارة الحزب الشيوعي لن تكون إلا صدى لناقوس خطر ..يدق في سماء كوردسان.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية