إيران تخترق التحالف الأمريكي الخليجي
خيري إبراهيم كورو
في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك فقط مصلحة دائمة, هذه الإستراتيجية التي أبتدعها أو اكتشفها أو مارسها رئيس الوزراء البريطاني تشرشل أبان الحرب العالمية الثانية، أصبحت اليوم مدرسة تتبعها كل أنظمة الحكم في العالم تقريبا ابتداءً من الأنظمة الديمقراطية، والدكتاتورية، والاشتراكية، والملكية وانتهاءً بالأنظمة الثيوقراطية، طبعا باستثناء الأنظمة الغبية والفاشلة والتي لديها إستراتيجية واحدة فقط، وهي إستراتيجية الهدم والتدمير ومعاداة الجميع، الأعداء والأصدقاء معا, وبالتالي تدمير نفسها بنفسها، لأنه لا احد يستطيع معاداة العالم بأكمله وان وينجو بنفسه.
ويبدو أن النظام الثيوقراطي في إيران أصبح يدرك هذه الحقيقة جيدا، وهذا ما دعاه أو أجبره على اتخاذ خطوته المفاجئة بالانفتاح على احد أكبر أعدائها وهي الولايات المتحدة وتقديم تنازلات كبيرة لها، وهذا يثبت أن الجمهورية الإسلامية قد أرتقت بسياستها وإنها ستفعل كل ما يلزم لإخراج نفسها من العزلة الدولية التي تعاني منها، وإنها تضع مصالحها كدولة قبل كل شيء آخر، وتيقنت أن المثاليات والشعارات الفارغة لن تجلب لها سوى الخسارة وستدفع بها عاجلا أم آجلا في خانة الدول الفاشلة، وقد جنت ثمار هذا التحرك العقلاني سريعا فبعد أن أصبحت دولة نووية أصبحت الآن قوة إقليمية وعالمية وباعتراف سيدة العالم أمريكا.
ويظهر من توقيت هذه الخطوة وما رافقها من تصريحات لمسئولين إيرانيين، أن إيران كانت تدرس هذا الأمر منذ فترة وعملت على تهيئة الأجواء لذلك، وان الولايات المتحدة كانت على علم بالنوايا الإيرانية حول هذا الموضوع، لذلك فأن هذا الأمر لم يأتي اعتباطا أو صدفة بل عن دراية ودراسة، وهذا يعطينا فكرة عن مستوى تطور الفكر السياسي في إيران وقدرة المسئولين فيها على اتخاذ الخطوة المناسبة في الوقت المناسب، فالدولة العميقة في إيران وبشهادة الكثير من المحللين والمفكرين أصبحت تمتلك دهاء وحنكة ورؤية إستراتيجية مكنتها خلال العقد الماضي من تجاوز الكثير من العقبات والتعامل بشكل بارع مع الكثير من الملفات المعقدة والشائكة، مثل الملف النووي، والأوضاع في العراق وسوريا وفي المنطقة بأكملها، ولكن أكبر واهم واخطر الملفات التي كانت تعاني منها وترهقها وتحد من أطلاق يدها في المنطقة هو التحالف الخليجي الأمريكي، ويبدوا أنها أخيرا نجحت في اختراق هذا التحالف، وبالرغم من إن هذا الأمر ما زال في بدايته، ولكن المهم أنها خطت خطوتها الأولى، وباعتقادي إن خطوات أخرى سريعة ستلحقها، وكما كانت خطوة إيران هذه غير متوقعة فان أمور أخرى كثيرة غير متوقعة قد تكون في الانتظار.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية