أبريل 23, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

ياسين مجيد: وثيقة كريستوفرهيل

 

وثيقة كريستوفرهيل
ياسين مجيد
لم تحظ وثيقة السفير الاميركي السابق في العراق كريستوفرهيل بشأن تورط السعودية في العنف الطائفي الاهتمام الذي تستحقه ، وكأن الوثيقة الاميركية تتحدث عن دول اميركا اللاتينية أو الدول الافريقية النائية التي يطحنها العنف والجوع .

فوزارة الخارجية التي يفترض أنها اطلعت على وثيقة السفيرهيل ، كان من المتوقع ان تبادرالى اتخاذ مجموعة من الاجراءات ومن بينها اولا استدعاء سفيرنا في الرياض للتشاور وإغلاق القنصلية العراقية في جدة ،وثانيا يعقد السيد الوزيراجتماعا طارئا مع كبار معاونيه لمناقشة هذه الوثيقة التي لايشك أحد في صدقيتها بإعتبار ان واشنطن لايمكن بأي حال ان تكذب على حليفتها الاستراتيجية الرياض ، وثالثا ان يقوم السيد وزير الخارجية ، كما هو متعارف عليه في جميع دول العالم باطلاع مجلس الوزراء ومجلس النواب على هذه الوثيقة التي تهدد الامن القومي للبلاد والعلاقات الثنائية بين البلدين ، اما الخطوة الرابعة فهي انه وبعد تأكد وزارة الخارجية من هذه الوثيقة الخطيرة ، فان المسؤولية تحتم على الوزارة تقديم شكوى الى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والامم المتحدة ضد السعودية باعتبارها مسؤولة عن سفك دماء العراقيين والتدخل في الشؤون الداخلية للعراق ، لكن المفارقة الكبرى هي ان وزارة الخارجية لم تكلف نفسها عناء مجرد اصدار بيان بشأن الوثيقة الاميركية.

رئاسة مجلس النواب التي اعتادت على عدم تفويت الفرصة دون اصدار بيانات قوية حول القضايا الداخلية والاقليمية ، سارت على خطى وزارة الخارجية والتزمت جانب الصمت المطبق ازاء وثيقة هيل ، وكأن هذه الوثيقة ليست مسؤولة عن دماء العراقيين التي تسيل أنهارا منذ سقوط النظام الدكتاتوري ، وان البرلمان الذي يفترض انه يمثل الشعب ان يكون معنيا باجراء مجرد تحقيق في هذه الوثيقة وهو المعروف – اي البرلمان- بتشكيل مئات اللجان التحقيقية التي تحولت الى نكتة في الشارع العراقي ، كما يفترض على رئاسة البرلمان ان توجه رسائل الى اتحاد البرلمانات العربية والبرلمان العربي – الافريقي والاتحاد الاوربي والامم المتحدة حول وثيقة السفير هيل ، لكن ماحدث هو ان وثيقة هيل ضاعت في ادراج رئاسة البرلمان كما ضاعت في وزارة الخارجية باعتبار ان البرلمان قد تحول منذ زمان الى (جهة سياسية) تهتم اولا بالصراع السياسي والتخلي نهائيا عن مسؤوليته في الرقابة والتشريع.

ولم يكن حال القوى السياسية التي تتبارى في الهجوم على القوات الامنية بعد كل عملية ارهابية ، بأحسن من وزارة الخارجية والبرلمان ، فلو كانت وثيقة هيل تتحدث عن تقصير الحكومة والقوات الامنية في التصدي للجماعات الارهابية ، لوجدنا ان هذه القوى السياسية ستقيم الدنيا ولاتقعدها تحت لافتة الدفاع عن دماء الابرياء وستجدد مطالبتها باستقالة رئيس الوزراء وعقد جلسة طارئة للبرلمان ، لكن حين يتعلق الامر بوثيقة تفضح دور(دولة شقيقة) في سفك دماء العراقيين ، فان الوثيقة ستكون محل نظر وتأمل ، فالعلاقة مع (الاشقاء) أغلى من دماء ابناء الوطن!! .

ما يؤسف له ان وسائل الاعلام الوطنية وتحديدا شبكة الاعلام العراقية التي تمثل الدولة العراقية ، كانت غائبة تماما عن متابعة هذه الوثيقة التي كان يمكن ان تتحول الى فضيحة كبرى في علاقات السعودية مع العراق وباقي دول المنطقة في حال اعطت وسائل الاعلام العراقية اهتماما استثنائيا بالوثيقة الاميركية وان تكون تداعياتها اخطر بكثير مما كشف عنه سنودن عن قيام المخابرات المركزية بالتجسس على دول العالم وتحديدا دول الاتحاد الاوربي ، خاصة وان هناك الاف الوثائق التي تدعم وثيقة هيل في تورط السعودية بالقتل الطائفي في العراق والمنطقة ومن بينها فتاوى قتل الشيعة في العراق التي صدرت وماتزال من المسجد الحرام والمسجد النبوي الى جانب مئات الانتحاريين السعوديين الذين قاموا بتفجير انفسهم في سيارات مفخخة في المحافظات العراقية واكثر من ذلك من الذين القى القبض عليهم وهم ينوون تفجير انفسهم في المساجد والاماكن العامة فضلا عن عمليات تبييض الاموال التي تقوم بها الشركات السعودية من خلال البضائع التي تصدرها للعراق وتشكل اكبر تمويل للمنظمات الارهابية.

ولم يتوقف السكوت على وثيقة هيل عند الخارجية والبرلمان والقوى السياسية وعدم اهتمام وسائل الاعلام ، بل تعداه الى خطباء الجمعة الذين لم يكلفوا انفسهم عناء الاشارة اليها ، مع ان هولاء الخطباء الذين يجلدون القوات الامنية ليل نهار ، ولست في محل الدفاع عنها ، يعرفون جيدا الدور الذي تقوم به السعودية في تأجيج العنف الطائفي في العراق وسوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن وافعانستان وباكستان وباقي الدول العربية والاسلامية.

ومع ان الوثيقة الاميركية لا تمثل اية مفاجئة للعراقيين على الاطلاق ، فانها تؤشر على ان (الخزانة السرية) لوزارة الخارجية الاميركية والمخابرات المركزية تحتوي على وثائق اخطر بكثير من (وثيقة هيل) التي كتبها في عام 2009 ، حول الدور السري الذي تقوم به السعودية في عمليات القتل الطائفي والتدمير المنظم للبنى التحتية على مدى السنوات الماضية وهو ما يستدعي وقفة وطنية حازمة لايقاف هذا التدخل الخطير الذي في حال استمراره ، فان العراق سيدخل على خط التدمير الشامل على الطريقة السورية برعاية سعودية وباشراف بندر بن سلطان.

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi