في الذكرى الـ 24 لتاسيس مركز لالش: مصممون على الاستمرار بنهجنا
تمر اليوم الجمعة، الذكرى الرابعة والعشرين لتاسيس مركز لالش الثقافي والاجتماعي على يد كوكبة من الشخصيات الايزيدية التي جمعها حب الايزيدياتي والكوردياتي ووضعوا اللبنات الاولى لاكبر مؤسسة ثقافية اجتماعية ايزيدية في 12/5/1993 في مدينة دهوك.
تاسيس مركز لالش كان وما زال ضرورة تاريخية للكورد الايزيديين، للدفاع عن تاريخهم ومعتقداتهم الدينية وعن انتمائهم القومي الكوردي، في ظل حملات من التشكيك والتشويه التي انتهجتها الانظمة الشوفينية العراقية السابقة من خلال كتاب وباحثين مؤدلجين تجاه كل المكونات الدينية والقومية بهدف تذويب مختلف الثقافات في بوتقة التعريب، وهكذا بثوا ونشروا مختلف الاباطيل والاكاذيب ضد الايزيديين المسالمين الذين يبحثون عن “كسرة خبز من الشعير” ويتمنون العيش بسلام فحسب.
وهكذا، كان أمام مركز لالش والقائمين عليه، جملة من التحديات والصعاب على مختلف الاصعدة، خاصة وانه حين تاسيسه لم يكن سوى نحو 10% من المناطق الايزيدية ضمن اقليم كوردستان، بينما باقي المناطق كانت تخضع لسيطرة النظام العراقي السابق الى نيسان عام 2003.
وبسبب اهمية دوره في مختلف المفاصل الحياتية، الثقافية والاجتماعية وغيرها، تم تاسيس فروع لمركزنا في المناطق الايزيدية الاخرى، كما تم تاسيس مكاتب في بعض المناطق لتلبية رغبات الشباب والمثقفين الايزيديين في مختلف المناطق الايزيدية، وانبرى القائمون على الفروع والمكاتب في تقديم النشاطات المتنوعة التي لا يمكن باي حال من الاحوال إحصائها، علما ان مركز لالش كان سبّاقا في افتتاح فروعه في مناطق شنكال و سهل نينوى، وكان رياديا بهذا المجال، بل انه اصبح قدوا لبقية الاطراف والمكونات الاخرى التي سارعن لتاسيس مراكز ومنظمات ثقافية على غرار مركز لالش، ونشير الى ان المجتمع الايزيدي في المناطق المحررة عقب نيسان 2003 تمكنت من ردم الهوّة بينها وبين باقي المناطق الايزيدية، وخلال نحو 10 سنوات اصبحت جميع مراكز لالش تعمل بتناسق وتتنافس فيما بينها لخدمة اهلنا ومجتمعنا.
وفي آب/اغسطس 20144عندما اجتاح تنظيم داعش الارهابي شنكال، وارتكب مجازره الوحشية من قتل وخطف وتدمير وسرقة وتفجير للمزارات الدينية الامر الذي اسفر عن نزوح نحو 400 الف ايزيدي من شنكال وبعشيقة وبحزاني وغيرها، لم يقف مركزنا مكتوف الايدي، بل ان العشرات من كوادره انضمت لجهود الاغاثة وتقديم العون لاهلنا في المخيمات وخارجها، وتم توثيق الكثير من تلك الاحداث المؤلمة بمختلف التفاصيل، وبات لدينا ارشيف يختصر الطريق على الكثير من الذين يبحثون في كارثة شنكال ومعاناة اهلنا، وقد قمنا بتزويد منظمات اممية واقليمية ومحلية بتلك الاحصائيات، بهدف الوصول الى اعتبار ما اصاب اهلنا هو جريمة ابادة جماعية (جينوسايد) من اجل تعويض المتضررين ومعاقبة الارهابيين ومن والاهم من خونة الخبز والملح والجيرة.
ان الحديث عن ما قام به مركز لالش ما بعد كارثة شنكال لا يمكن اختصاره، لكننا نؤكد اننا بذلنا ما بوسعنا لخدمة اهلنا وقضيتنا، وسنستمر بخدمتهم وفق الامكانات المتاحة لنا في هذا الشان.
ومثلما كان تاسيس مركزنا ضرورة تاريخية وثقافية للايزيديين، فانه كان ضرورة قومية، لانه مثلما كان هنالك اصوات نشاز سعت لتشويه الانتماء القومي الكوردي للايزيديين في ظل النظام العراقي الدكتاوري البائد، فان ورثة هذه الافكار الشوفينية حاولوا ان يلعبوا بهذه الورقة المحترقة للحصول على مكاسب خاصة على حساب حقائق التاريخ والجغرافية، وحاولوا زرع بذور الخلاف والفتنة بين الايزيديين وشعب كوردستان، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، لانه من الصعب تغيير الحقائق الراسخة.
وهكذا اثبت مركز لالش انه “نبع صافٍ يصب في مجرى الثقافة الكوردية” استنادا لشعاره الذي تاسس تحت عنوانه الواضح والحاسم.
وسيبقى مركزنا يسير على نفس نهجه الاول، في دعم الايزدياتي ودعم الكوردياتي، ولن يحيد قيد انملة عن هذا النهج رغم كل المتغيرات والظروف، لان التجارب اكدت لنا ان التمسك بالحقائق والاستناد اليها كفيل بتحقيق النجاح ولو بعد حين.
ان تجربة مركز لالش طوال 244 عاما لم تكن مفروشة بالورود كما قد يتصور البعض، بل كانت تجربة تضمنت اعمالا وجهودا متواصلة، لانها منذ بدات ولحد اليوم ندعمها بالعمل الجاد على مختلف الاصعدة، الثقافية والاجتماعية والسياسية، في ظل ظروف محلية واقليمية ودولية غير مستقرة.
ومثلما كان مركز لالش، جسرا لتدعيم ثقافة التعايش والتسامح الديني والقبول بثقافة الاخر واحترام التنوع، وبذل جهودا كبيرة في هذا المضمار منذ تاسيسه الى فترة قريبة جدا، فانه سيستمر بمساعيه هذه، ، وفي الوقت نفسه فان المركز قد شرّع بالاضطلاع بدوره في ان يكون منبرا حرا لمعاناة الايزيديين في مناطقهم المحررة حديثا من خلال اقامة ملتقيات ثقافية مع شخصيات رسمية وحكومية رفيعة المستوى، وسيستمر المركز بهذه النشاطات من اجل ادامة التواصل بين المواطن والمسؤولين، للوقوف على اسباب تعثر الخدمات، وعرقلة الجهود، وفرز الامور الايجابية عن السلبية، من اجل تسهيل حركة عودة النازحين لمناطقهم وتقديم افضل الخدمات لهم، ناهيكم عن معرفة مواقف اهلنا من مجريات الاحداث الاقليمية والمحلية بهدف تشخيص مصالح المجتمع الايزيدي والعمل على تحقيقها وفق الاطر الكوردستانية.
سيستمر مركز لالش على نهجه الاصيل، وسيبقى مدافعا عن حقوق الايزيديين وفق ما متاح له، كما سيبذل كل جهوده في خدمة شعب كوردستان، لاننا جزء هام من باقي المنظمات والمراكز الثقافية الكوردستانية التي تدفع باتجاه تحقيق احلام وطموحات شعب كوردستان نحو حق تقرير المصير الذي هو حق طبيعي لكل الشعوب الحرة والابية.
وبهذه المناسبة، نقدم شكرنا وتقديرنا لحكومة وقيادة اقليم كوردستان الموقرتين، ونخص بالذكر السيد مسعود بارزاني رئيس الاقليم، و الاخ نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء الاقليم، على دعمهما المتواصل لمركزنا منذ تاسيسه وليومنا هذا.
الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي
دهوك 12/5/2017
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية