محافظ نينوى: القرار الإيزيدي ليس موحداً وهو جزء من المشكلة في سنجار
رأى محافظ نينوى، عبد القادر الدخيل، أن القرار الإيزيدي ليس موحداً، وهو جزء من “المشكلة في سنجار”، مشيراً الى إنجاز 4 آلاف معاملة تعويض للإيزيديين منذ المباشرة بمهام منصب المحافظ.
جاء ذلك خلال مقابلة أجراها معه نوينر فاتح، لشبكة رووداو الإعلامية.
وأدناه نص المقابلة:
رووداو: عادة تبدأ المقابلات حول نينوى معك من العراقيل والمشاكل، لكن أود البدء بصيغة مختلفة. الإعمار في نينوى ومدينة الموصل أين وصل وكيف هي علاقتكم مع الحكومة المركزية بشأن إعمار نينوى خصوصاً مع أن هناك دولاً أيضاً من خارج العراق تدعم الإعمار في نينوى؟
عبد القادر الدخيل: بغض النظر عن الأحزاب فنينوى عمق للإقليم، والإقليم هو عمق لنينوى، فبهذا نحن دائماً سواء المواطن أو المسؤول عندما يأتي لأربيل ودهوك وسليمانية لديه فكرة أخرى، عادة نحن نسميها غيرة من هذه التجارب. اليوم بدأنا بخطوات كبيرة وهناك مقياسين في الموضوع. المقياس الأول لو أخذنا أن الطموح هو ليس بمستوى الطموح، والمقياس الثاني لو قارننا نينوى في الـ 2017 ونينوى اليوم، سنجد وضعاً متغيراً بنسبة كبيرة جداً، الفضل بعد الله سبحانه وتعالى يرجع لأهالي مدينة الموصل، بالتالي نينوى هي مدينة متحضرة ومدنية وأهلها يحبون الحياة وقادرين على صناعة الحياة من جديد، لذا أن مقومات النجاح لمدينة الموصل ونينوى متوفرة، ولو نأتي إلى مراكز المدن باستثناء سنجار كلها رجعت أفضل من قبل تاريخ 10/6/2014 بموازنات بسيطة لكن كانت هناك نية صادقة وإرادة وأهلنا متعاونون مع الحكومات. الآن لدينا خارطة طريق وضعنا أولويات، وهي مطار الموصل، القطاع الصحي، التربية، التعويضات، الخدمات، السياحة، الزراعة، المصانع. كلها هذه تعتبر مشاريع تنموية إضافة إلى إشراك القطاع الخاص والاستثمار، هذا يعتبر جانب. والجانب الثاني هو ملف الخدمات التي تتعلق بحياة المواطنة اليومية فنحن نريد ونركز ولدينا خطين متوازنين: الخط الأول المشاريع التنموية والاستثمارية والتنموية، والخط الثاني المشاريع التي لها تماس بحياة المواطن التي هي متطلبات الحياة اليومية الماء، الكهرباء، النظافة، الطرق، المجاري، وفي نفس الوقت نركز لنبي تطلعات أبناء المحافظة بما ينسج مع برنامج الحكومة الاتحادية.
لو نقارن نينوى كيف كانت قبل 2003 وماذا تحتاج، كانت لدينا ملاعب رياضية، ومصانع مهمة، كما لدينا منتجات تنتج في داخل الموصل ونينوى، لكن داعش دمر كل شيء، دمر كل البنى التحتية والأملاك العامة والخاصة، ولكن هذه الخطوات التي نقوم بها هي خطوات ليس متخبطة، وإنما وفق رؤية وستراتيجية إن شاء الله نهاية عام 2026 سندعو إلى السياحة الطبية في الموصل، كما لدينا جامعات رصينة وسيكون لدينا 6000 سرير تنجز عام 2026، وسيكتمل مطار الموصل في النصف الأول من عام 2025، وسيكتمل واحد من الفنادق المهمة من خمسة نجوم يعتبر أول فندق هو أسميناه فندق “رامادا بلازا” و”آشور” سابقاً، حيث سيكون لدينا مشروعين مهمين هما مطار الموصل وفندق “آشور”، من أجل أن ندعو الشركات العالمية يأن يأتوا إلى الموصل، فإن فيها أمن واستقرار وفيها مطار وفندق. أيضا هناك مقومات أخرى للنجاح نعتقد نحتاج إلى حلقات كثيرة لسردها، إضافة إلى ذلك هناك عمل واسع في نينوى ومكثف في جميع المجالات.
رووداو: لا يمكن إنجاز هذا من غير دعم من قبل الحكومة الاتحادية. هل تتلقون كحكومة محلية الدعم اللازم والتسهيلات اللازمة من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد؟
عبد القادر الدخيل: هناك دعم مباشر من الحكومة الاتحادية وخاصة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لنينوى، من خلال قرارات خاصة بتمويلات خاصة، من أجل إنجاز المشاريع المهمة والستراتيجية؛ على سبيل المثال المدينة القديمة دمرت بشكل كامل، الآن رئيس الوزراء وافق على إعادة بناء المدينة القديمة مثلما كانت لكي تحافظ على طرازها الأثري والتراثي، ولكي لا تخرج من لائحة التراث العالمي. في المستقبل القريب سنضع حجر الأساس في هذه المدينة، حيث أن أموالها موجودة واكتملت كل التصاميم والمخططات، إذ سنبني المدينة القديمة بطراز جديد ولكن يحاكي التراث، لتبقى الموصل دائماً ضمن لاحة التراث العالمي، كذلك في قطاع الرياضة على سبيل المثال لا يوجد لدينا أي ملعب الآن، ملعب الموصل في الشلالات وصل إلى نسبة إنجاز بحدود 70%، وملعب الجامعة بحدود 80%، وخلال الأيام القادمة سنضع حجر الأساس لبناء المدينة الرياضية المصغرة في أيمن الموصل، الإدارة المحلية سابقاً، الذي دمرته عصابات داعش الإرهابية، إضافة إلى قطاع التربية نحن أنجزنا بناء 637 مدرسة، قسم منها أنجز بنسبة 100%، وقسم آخر في طور الإنجاز. نحن نعتبر نينوى المحافظة الأولى في إنشاء عدد المدارس وأكثر القطاعات الأخرى، إذن هذا لم يأتي من فراغ وإنما جاء بدعم مباشر من رئيس الوزراء.
رووداو: هل هناك أي أرقام حول الصرف في نينوى، أي كم صرف على إعادة إعمار نينوى حتى الآن بعد 2017؟
عبد القادر الدخيل: بعد 2017 بصراحة لو نتحدث عن الأرقام الخاصة بالإعمار فبعض المنظمات الدولية ثبتت بأن نينوى تحتاج إلى 15 مليار دولار لإعادة إعمارها من جديد، ولكن حتى الآن لم يصل الرقم الممول من الحكومة المركزية إلا لبضعة أرقام بسيطة. منذ عام 2019 إلى عام 2023 كان بحدود 4 تريليونات ونصف مليار دينار عراقي.
رووداو: يعني 3.6 مليار دولار؟
عبد القادر الدخيل: نعم بالضبط، وقبلها منذ عام 2017 إلى 2019 كان بحدود 1.2 مليار دينار عراقي، إذن الأرقام هي ليست أرقام كبيرة، وهذا فيما يخص الموازنات الحكومية، ولكن لا ننسى دعم المجتمع الدولي في مقدماتها الولايات المتحدة الأميركية عن طريق الـUSAID، وكذلك المجتمع الأوروبي قدم منحاً وقروضاً وتسهيلات عبر الـ IOM عبر الـ Habitat وعبر الـUNDP، كذلك عبر الـGISZ عبر الوكالات الفرنسية التي قدمت كثير من الدعم الحقيقي لمحافظة نينوى.
رووداو: عندما نتحدث عن نينوى هناك عراقيل فهي المحافظة من ناحية السكان ثاني أكبر محافظة في العراق بعد العاصمة بغداد إذ كان عدد السكان فيها أكثر من 3 مليون نسمة. كم عدد سكان نينوى كمحافظة حالياً بعد تعرضها لهجوم داعش والنزوح الكبير لكل أطياف نينوى؟
عبد القادر الدخيل: بصراحة هناك طفرة كبيرة بعدد السكان في عموم المحافظات العراقية، حتى محافظات الإقليم، وبالتالي الأرقام التي تتحدث عن عدد السكان هي أرقام غير دقيقة، ولكن لدينا المشروع الوطني للتعداد العام للسكان سيظهر الحقيقة. أعتقد نحن تجاوزنا الخمسة ملايين بكثير، على الرغم من التعرض نزوح وإلى تهجير ولكن هناك عودة حقيقية إلى كل الوحدات الإدارية، باستثناء قضاء سنجار، ولكن مع هذا هناك عودة واستقرار في عموم محافظة نينوى عدا سنجار. نحن لا نريد أن نذكر رقماً غير موجود في دائرة الإحصاء ولكن نحن نعتقد أننا تجاوزنا 5 مليون.
رووداو: كما أشرت سنجار قضية خاصة وأعرف هذه القضية ليست قضية تتعلق بالحكومة المركزية والحكومة الاتحادية كما أنك لست مسؤولاً عن ما يحدث في سنجار. لكن أنت كمحافظ ما هي أهم العوائق التي تحول دون إيصال الخدمات الدولة والحكومة المحلية إلى سنجار؟
عبد القادر الدخيل: داعش وزع ظلمه على كل نينوى والمحافظات الأخرى المحررة، حيث تعرض المسلمون العرب السنة، الشيعة، والمسيحيين، والشبك، الكاكائيين، ولكن ما تعرض له الإيزيديون أعتقد وصمة عار وتعتبر إبادة جماعية وجريمة كبيرة، وعلى المجتمع الدولي والحكومات، حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، أن تقف مع أهالي قضاء سنجار.
نحن نسعى جاهدين وفعلاً بدأنا بخطوات، ولكن هذه الخطوات هي دون مستوى الطموح، فهناك كثير من العراقيل والمعوقات التي تقف بنقص الخدمات أو عودة النازحين، في مقدمتها العامل الأمني بظل وجود تنظيم حزب العمال الكوردستاني، الذي قررت الحكومة الاتحادية حضر التعامل معه، إضافة إلى قلة التخصيصات لقضاء سنجار والتي عالجها رئيس الوزراء بإنشاء صندوق سنجار، الذي نتأمل أن تكون هناك تخصيصات إضافية لهذا الصندوق لكي تكون هناك قرارات خاصة، وتمويلات خاصة، تسرع بإعادة الإعمار إلى سنجار، فضلاً عن ذلك نحتاج إلى التوافق السياسي الذي سينعكس إيجاباً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني داخل سنجار سواء بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، حيث يجب أن يكون هناك توافقاً على قضاء سنجار، علاوة عن ضرورة أن يكون هناك توافقا بين مكونات سنجار، وأيضاً توافق بين المكونات الإزيدية.
اليوم القرار الإيزيدي ليس موحداً، وهو جزء من المشكلة في سنجار، فهناك مشاكل مركبة ومعقدة، ولكن أنا على يقين أن ما نقوم به اليوم في سنجار صحيح هو ليس دون مستوى الطموح، ولكن الأفضل على مستوى الحكومات المحلية التي مرت، ولو نتحدث عن ملف التعويضات، قبل مباشرة عملي كان هناك عدد المعاملات للتعويضات التي أقرها القانون، كانت 20 معاملة فقط سلمت لأهالي سنجار، واليوم بحدود 4 آلاف معاملة أنجزت وتم استلام المبلغ من الحكومة الاتحادية وباشرنا بعملية صرف الأموال، كذلك بدأنا بعملية تمليك الدور للإيزيدين، والتي وزعت في ثمانينات القرن الماضي حينما كان المواطن الإيزيدي يسمى بالمتجاوز، بهدف أن يشعر المواطن الإيزيدي بأنه ينتمي لهذا البلد، وأن الدولة ترعى هذا المواطن، إضافة إلى ذلك بما يخص عملية المشاريع، سنقوم بإنشاء أكبر مشروع ماء على مستوى العراق من سد الموصل إلى ناحية ربيعة ومن ثم إلى سنجار والنواحي والقرى ومن ثم إلى قرى القحطانية والبعاج، وفي مجال قطاع الصحة سنقوم بإنشاء مستشفى في السنوني، كما وضعنا حجر أساس بناء مستشفى 100 سرير في سنجار، ولكن هل هذا يكفي؟ بالطبع لا يكفي وعلينا أن نعطي رسالة للإيزيديين، أن الذي حصل لن يتكرر، وأن المجتمع الدولي يعترف، وأن الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية بأنها تعتبر ما حصل هو جريمة إبادة جماعية للمجتمع الإيزيدي، ونقوم ببحث حقيقي عن المختطفين والمختطفات، وأيضاً إنهاء ملف المخيمات. الآن المسيحيون تعرضوا إلى تهجير وقتل، وكذلك مصادرة أموال العرب السنة، والشيعة، ولكن هناك عودة بدأت وعملية الاستقرار، لكن الجرح لازال ينزف بما يخص الإيزيديين طالما لديهم مخطتفين، سواء في مخيم الهول أو في مناطق أخرى، ولا زالوا يسكنون المخيمات التي لا تقيهم لا من حر الصيف ولا برد الشتاء. أعتقد أن أي إنسان لديه ذرة من الضمير والوجدان أن يسعى جاهداً لا فقط بالشعرات إلى جبر الخواطر بالنسبة للإيزيديين، وتطبيق العدالة.
كل من ساهم بجريمة داعش أو دل أو دنس أو ساعد أو صمت ووافق، فعليه أن يحاسب وفق القانون العراقي، ولكن بعدها لا بد أن تستمر الحياة فالإزيديين هم شعب مسالم وشركاؤنا في الوطن والإنسانية، وهذا اليوم مسؤولية محافظة نينوى وأنا بصفتي الرئيس الأعلى التنفيذي في المحافظة، أتحمل جزءاً من هذه المسؤولية، وذلك فضلاً عن صفتي الثانية التي هي الآن أنا ابن قضاء سنجار ما يحتم علي أن أكون منصفاً لأهلي في سنجار عموماً، وللإيزيديين خاصة.
رووداو: ما هو العائق الأكبر أمام النهوض بواقع الخدمات. هل هي قلة التمويل أم الوضع الراهن السياسي والأمني في سنجار؟
عبد القادر الدخيل: الآن بدأنا بمشاريع على مستوى الطرق والحدائق والماء والمجاري والآبار الارتوازية، وأيضاً دعم الزراعة بالإمكانيات المتاحة، ولكن التحديات الأمنية والتحديات السياسية هي التي تضفي بظلالها على وضع سنجار. أعتقد علينا أن نركز كثيراً وأن نقوم بخطوات حقيقية بحسم ملف الإدارة لقضاء سنجار، فوجود القائممقام سيكون واحداً من المرتكزات التي نسير بها بقضاء سنجار إلى الأمام، إضافة إلى الهاجس الأمني الذي يجب أن تكون هناك رسالة للإيزيديين بأن يستقروا في بيوتهم وأن الذي حصل لن يتكرر.
رووداو: موضوع آخر هو مجلس المحافظة حيث أعتقد كان لكم دور ومبادرة لعودة عمل المجلس. ما هو الوضع الراهن حالياً وما هو نتاج محاولاتكم؟
عبد القادر الدخيل: قبل 2003 كنا نعيش في ظل نظام دكتاتوري، فعندما يرفع الشعار في البصرة في اليوم التالي يطبق في نينوى، حيث كانت مركزية ديكتاتورية مقيتة، لكن البلد بعد 2003 تحول إلى نظام اتحادي ديمقراطي، فالديمقراطية التي الآن نمارسها في العراق، هي ديمقراطية وإن مر عليها بحدود أكثر من 20 عاماً ولكن لازالت نعتبرها ديمقراطية فتية، وبالتالي علينا أن نؤمن بالعمل الديمقراطي، ومخرجات النظام الديمقراطي هو انتخاب البرلمان انتخاب مجالس المحافظات، وفي مجلس محافظة نينوى أخرج مجموعة من الكتل والأحزاب بحدود 12 كتلة موجودة في المجلس، وهذا يؤثر سلباً على التوافق بإصدار القرارات التي تكون لصالح شعب وأهل محافظة نينوى، لكن نحن الآن ومع الخيرين من السياسيين لمختلف الأحزاب نحاول أن نقرب وجهات النظر وبدأنا بالخطوات وفي المستقبل القريب ستحل المشاكل الرئيسية، ويتم وضع هذه المشاكل في طاولة مستديرة واحدة، ويتم اتخاذ القرار المناسب من جميع الأحزاب.
رووداو: هذا يعني أنك متفائل بأن الحل قريب؟
عبد القادر الدخيل: نعم متفائل جداً بأنه الحل سيكون قريبا ويتم الجلوس على طاولة واحدة، ونستطيع حل هذه المشاكل.
رووداو: الجميع سيكون على هذه الطاولة مثل الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكوردستاني والأحزاب الأخرى؟
عبد القادر الدخيل: لو نرجع إلى التنوع؛ نحن محافظة متنوعة قومياً، حيث لدينا العرب، الكورد، والتركمان، وبالنسبة للتنوع الديني هناك مسلمون، مسيحيون، إيزيديون، وبالنسبة لتنوع المكونات، هناك الشبك والكاكئية، وهذا يحتم على المسؤول أن يتعامل بحرفية ومهنية عالية حتى لا نخلق أزمات جديدة. الموصل للتو خرجت من الحرب وتعافت، والمواطنون الآن عادوا من النزوح، بالتالي يجب أن تكون لدينا رسائل اطمئنان، فهناك من قام ببناء عمارة تجارية أو معمل أو مجمع سكني أو حدائق، لذلك يجب أن نحافظ على هذه المكتسبات، لأن الشعوب تبقى وهذه الكتل تزول، بالتالي يتحتم علينا أن نبذل جهوداً كبيرة لكي نغلب مصلحة المواطن والشعب ومصلحة المحافظة على المصلحة الفئوية والحزبية.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية