قصص من كارثة شنكال….(114)
الباحث/ داود مراد ختاري dawd_2009@yahoo.com
أوصيت شقيقي بان يدفن جسدي في (قراج قنديل شنكال).
وصلنا الى الجبل كبقية الناس حفاظاً على أرواحنا من احتلال الدواعش، وصل الكثير من الناس الى محافظة دهوك مبكراً، وآخرين لم تسنح لهم الوقت لان الدواعش وصلوا الى مجمعات ناحية الشمال، فبقوا في الجبل وتوافد مئات الالاف من البشر الى الجبل، صراخ وبكاء وعويل، الجوع والعطش هتك بالبشر، تشرد أبناء قضاء كامل الى الجبل، في هذا اليوم الأسود لم يبقى للبشر من ثروة تذكر فما عليه الا انقاذ الروح والشرف، والكثير فقدهما أيضاً، لان المحتلين لم يرحمُ بشراً هدفهم القتل والذبح والسبي.
وقال (مشعان جردو متو مواليد 1944) : بقى شقيقي (قاسم جردو) في قريتنا – الوردية – غرب مركز شنكال (15) كلم، وبعد أن علمت بان أهلنا لا يمتلكون المواد الغذائية وتم قطع الطريق عن الجبل فلابد من النزول الى القرية ثانية وجلب المواد التموينية، وحينما وصلت الى القرية رأينا فيها أناس يتواجدون فيها وكان من بينهم شقيقي قاسم، فقلت لابنائي خذوا كفايتكم من المواد والتحقوا بالأهل في الجبل ، وأنا سأبقى هنا مع شقيقي، لحين الفرج، الحوا علي بالعودة الى الجبل لكني أصريت على البقاء، لكون دارنا كان عامراً وظننت انها أيام معدودة وسيتم طرد الدواعش من شنكال.
كانت هناك العديد من البيوت في الوردية، لكن بعد فترة هرب البعض أما البقية فقد القي القبض عليهم من قبل الدواعش ومازال مصيرهم مجهولاَ.
خلال تواجدي في القرية لم أرَ داعشياً، لكن كنا نسمع اصواتهم وهم ينهبون البيوت، أهل الوردية كانو من الاغنياء، فدارنا فيه مواد تموينية ومنزلية وعفش ومحاصيل زراعية لا تقدر بثمن.
بقيت (12) يوما في قرية الوردية، وننتظر أخبار مفرحة، فعلمت لا جدوى من بقاءنا هنا ، وهذه القضية ستأخذ وقتاً زمنياً، لذا طلبت من شقيقي أن نغادر ونتجه نحو الجبل، ونتيجة التفكير والهموم لم أستطع السير طبيعياً، وتمنيت الموت حينما غادرت القرية مرة أخرى، قلت لشقيقي قاسم : اذ لم نستطع العبور أوصيك أن تدفن جسدي في (قراج قنديل شنكال).
وحينما وصلنا الى بداية الجبل لم استطع التسلق، طلب مني شقيقي التسلق شيئا فشيئا وبالراحة ، لكن بعد مسافة قصيرة من التسلق وقعت واندحرت الى الأسفل وأصبت.
حاول اربعة أشخاص حملي لكنهم لم يستطيعوا لكوني مصاب وثقيل الوزن، لذا بقيت أتألم من الاصابة وخوفي من وصول الدواعش الينا.
طلبت من شقيقي والذين معنا أن يتركوني، فاتصلوا بمعارفنا في الجبل وجلبوا حيوان فحملوني على ظهره الى منطقة كرسي.
ثم بعث ابني (علي) سيارة واوصلتني الى دهوك.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية