ذوبان جليد جرينلاند يهدد بمحو مدن من خريطة العالم
تقع جرينلاند بين المحيطين القطبي الشمالي والأطلسي وهي مغطاة بالجليد، لكن الاحتباس الحراري يتسبب في ذوبان ثلوجها.
تُغطي طبقة جليدية ضخمة حوالي 80% من سطح جريندلاند، لكن في العقود الأخيرة، أصبح الجليد أقل سمكًا، وتتراجع الأنهار الجليدية عند حواف الطبقة الجليدية، وتذوب عند قمتها.
وترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بسرعة أكبر من المناطق الأخرى. على سبيل المثال، في حين ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار درجة واحدة فهرنهايت على مدى القرن الماضي، فقد ارتفعت درجة حرارة الهواء في جرينلاند بنحو سبع درجات فهرنهايت منذ عام 1991. ولأن الاحتباس الحراري أسرع في القطب الشمالي، فإن التأثيرات أكثر وضوحا.
ويعني ارتفاع درجة حرارة الأرض أن جرينلاند بشكل عام تفقد كمية من الجليد أكثر مما تكتسبه كل عام. درجات الحرارة الأكثر دفئًا تعني المزيد من الذوبان. خلال فصل الصيف، تكون درجات الحرارة دافئة بدرجة كافية ليذوب الجليد الموجود على سطحها.
ومن ثمَّ، تخسر جرينلاند حاليًا 234 مليار طن من الجليد سنويًا؛ حيث يذوب الجليد الآن بمعدل أسرع سبع مرات مما كان عليه في التسعينيات.
تداعيات ذوبان الغطاء الجليدي
وتشير التقديرات إلى أن ذوبان الغطاء الجليدي الشاسع في جرينلاند -ثاني أكبر غطاء جليدي في العالم بعد القارة القطبية الجنوبية- ساهم بأكثر من 20% في الارتفاع الملحوظ في مستوى سطح البحر منذ عام 2002.
ويهدد ارتفاع منسوب مياه البحر بتكثيف الفيضانات في المجتمعات الساحلية والجزرية التي تحتضن مئات الملايين من الناس، وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى غمر دول جزرية بأكملها ومدن مطلة على البحر..
خسائر ذوبان جرين لاند
تُشير التقديرات إلى أن هناك خسائر مفاجئة في الغطاء الجليدي سوف تحدث إذا وصل متوسط درجات الحرارة العالمية إلى ما يتراوح بين 1.7 و2.3 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
وهذا من شأنه أن يشكل خطرًا؛ حيث سيشهد الغطاء الجليدي ذوبانًا شبه كامل في جرينلاند. وما يتبع ذلك من ارتفاع في منسوب مياه المحيطات بمقدار سبعة أمتار (23 قدمًا)، مما يعيد رسم خريطة العالم.
هل هناك أمل في منع انهيار الغطاء الجليدي؟
من المرجح أن تكون الطبقة الجليدية في جرينلاند أكثر مقاومة لظاهرة الاحتباس الحراري مما كان يعتقد سابقا، حسبما وجدت دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature؛ حيث أظهر فريق دولي من العلماء أنه حتى لو تم تجاوز عتبات درجات الحرارة الحرجة مؤقتًا ذروتها بما يصل إلى 6.5 درجة مئوية حتى عام 2100 (ما يسمى ‘التجاوز’)، فإن الانخفاض اللاحق في غضون بضعة قرون يمكن أن يمنع الانهيار الكامل للغطاء الجليدي والارتفاع المتتالي لمستوى سطح البحر على مدى مئات الآلاف من السنين.
ولتحقيق هذه الغاية لابد من اتخاذ التدابير اللازمة للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي في أسرع وقت ممكن في أعقاب الارتفاع الحرج في درجات الحرارة عن طريق إزالة التلوث الذي يؤدي إلى تسخين الكوكب من الغلاف الجوي باستخدام إعادة التشجير على نطاق واسع أو تقنيات لالتقاط الكربون وتخزينه بشكل دائم – عندها يمكن تجنب الأسوأ أو تثبيت درجة الحرارة عند مستوى لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة في الأمد البعيد.
ومن جانبه، أشار “نيكلاس بويرز”، المؤلف المشارك في دراسة Nature من معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، إلى أن تجاوز عتبات درجة الحرارة بشكل مؤقت يمكن أن يؤدي إلى ذروة ارتفاع مستوى سطح البحر بأكثر من متر في تقديرات الاستشراف المستقبلي.
وفي هذا الصدّد، أفاد “نيلز بوتشو”، الباحث في جامعة القطب الشمالي في النرويج والمؤلف الرئيس للدراسة، بأنه من المرجح أن تكون الطبقة الجليدية في جرينلاند أكثر مقاومة للاحتباس الحراري على المدى القصير مما كان يعتقد سابقا. لكن الباحثين أكدوا أن إعادة درجات الحرارة إلى ما دون العتبة ‘الآمنة’ للغطاء الجليدي في جرينلاند سيكون أصعب بكثير من إبقائها أقل من الحد المسموح به في المقام الأول.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية