فصل آخر من المعاناة.. خطر يهدد حاضر العراق ومستقبله نتيجة الإهمال!
“القرطاس نيوز”: لبلاد الرافدين حكاية مختلفة مع المشاكل البيئية المتعددة.
فهذا البلد الغني بثرواته الطبيعية يفتقد لوضع خطط استراتيجة مسندة تعمل على حماية وتحسين البيئة العراقية بمشاركة كل الجهات المعنية، ما ينذر بكارثة محتملة ستهدد الآف العراقيين في المستقبل القريب.
وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت بشكل خطر المشاكل البيئية المتشعّبة وتحديدا في العاصمة بغداد مع عجز الحكومات المتعاقبة على إيجاد حلول لها، لإنشغالها بملفات أمنية واقتصادية وأزمات سياسية وتهميشها العمل البيئي، وسط تحذير خبراء بيئيين من أزمة خطرة نتيجة الإهمال.
العراق يغرق في التلوث!
ويقول برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة إن الآثار الاقتصادية والبيئية والصحية الناجمة عن تحولات المناخ، تمثل التهديدات الأشد فتكًا التي يواجهها العراق.
ويحتل العراق المرتبة الخامسة في قائمة الدول الأكثر تأثرًا بظاهرة التغير المناخي، وسط توقعات بأن يشتد تضرر البلد من هذه الظاهرة في المستقبل المنظور.
وتعليقًا على الموضوع، رأى مدير بيئة ميسان الأسبق ورئيس مهندسين زراعيين سمير عبود في اتصال مع “القرطاس نيوز” أنّ البيئة العراقية تعاني جملة من المشاكل والتحديات المختلفة، منها الاساسي والمتمثل بتدني الوعي البيئي بصورة عامة، فضلا عن هشاشة التشريعات البيئية الحاكمة لموضوع حماية البيئة وتهميش العمل البيئي وعدم اسناد الدولة لوزارة البيئة لوجستيًا وبشريًا.
عبود وفي معرض حديثه، أشار إلى أن تلوث موارد المياه العامة بأنواع مختلفة من الملوثات يعدّ من اهم ملامح تدهور البيئة العراقية، وابرزها بحسب رأيه طرح مياه الصرف الصحي الى الانهار، من دون معالجة.
وما يزيد من خطورة هذا الامر هو طرح مخلفات المؤسسات الصحية السائلة بما تحتويه من مسببات الامراض وانواع من السموم الدوائية من دون وجود وحدات معالجة فعالة في مختلف المؤسسات الصحية.
كما ان انخفاض مناسيب المياه في الانهار يقول عبود يعود لنتيجة السياسات المائية لدول منابع الانهار “كتركيا وايران” التي ساهمت بزيادة نسب تركيز الملوثات في الانهار.
ووفقًا لعبود فمن المشاكل البيئية الكبيرة أيضًا افتقار أغلب المدن العراقية لمواقع طمر صحي نموذجية للنفايات البلدية، حيث انتشرت الطرق العشوائية بالنفايات المرمية في المساحات الخالية او على حواف الطرق الداخلية او حرقها بجهود فردية ….الخ
مظاهر التدهور البيئي
ويضيف مدير بيئة ميسان الأسبق أن من مظاهر التدهور البيئي أيضا انحسار المساحات الخضراء داخل المدن وزيادة مساحات الزحف الصحراوي وتدهور الاراضي الزراعية نتيجة عدم وجود سياسات واجراءات فعالة لإقامة الاحزمة الخضراء حول المدن مع التوسع العمراني داخلها وقلة الموارد المائية وعدم استخدام طرق الري الحديثة مثل التنقيط والرش.
ويتابع أن ذلك ترافق بطبيعة الحال مع تأثيرات التغيرات المناخية التي ادت الى ارتفاع درجات الحرارة وطول فصل الصيف ما ادى الى زيادة تبخر المياه مع زيادة الاستهلاك البشري لها.
ويقول عبود إن الظاهرة الخطرة المتمثلة اليوم هي مسألة الجفاف الحاد الذي ضرب مناطق الاهوار في الجنوب التي تعدّ من المناطق التراثية لما تحويه من تنوع بيولوجي نادر. ويضيف أن من اهم المشاكل المتعلقة بالتلوث البيئي هو تلوث الهواء الناجم عن حرق الغاز المصاحب الناشئ من عمليات استخراج النفط بالاضافة الى مئات معامل الطابوق التي تستخدم النفط الاسود كوقود مع عدم استخدام منظومات حرق الية كفوءة، وما يزيد مشكلة تلوث الهواء سوءا هو الزيادة الهائلة في اعداد المركبات مع قلة الشوارع والطرق وعدم وجود رقابة على مدى كفاءة محركات هذه المركبات.
ويشدّد عبود لـ “قرطاس نيوز” على ان انتشار ملايين الالغام والقذائف غير المنفلقة على مساحات واسعة من الاراضي العراقية من دون وجود مشاريع ازالة فعالة هي من مشاكل البيئة العراقية العويصة، كذلك وجود كمية كبيرة من السكراب العسكري الملوث باليورانيوم المنضب الناتج عن حرب الخليج، ولم تجرَ عليه عمليات المعالجة بشكل علمي للتخلص من مخاطره وكل ما تم هو تجميعه وتخزينه في مناطق متفرقة.
العراق يحدد نهاية عام 2027 لإيقاف حرق غازه
ونقلت تقارير للبنك الدولي ان العراق اهدر نحو 17.37 مليار متر مكعب من الغار المصاحب للنفط العام الماضي والبالغة قيمتها ( 40.819 ) مليار دولار.
ويشعل العراق حوالي 45٪ من غازه المصاحب ويجري محادثات مع شركات النفط العالمية لتطوير حقلي غاز طبيعي (غير مصاحب) في الوقت الذي يعد فيه العراق ثاني أسوأ دولة في العالم من حيث حرق الغاز بعد روسيا.
ويتوقع العراق إنهاء حرق الغاز في حقوله النفطية بحلول عام 2027، حيث يسعى ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى الحصول على مساعدة من شركات النفط الدولية للمساعدة في السيطرة على إنتاج الغاز المصاحب.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية