مستقبل مظلم وانهيار أمني واقتصادي.. الانسحاب الأمريكي يهدد النظام العراقي
على وقع اجتماعات فنية وأمنية بين واشنطن وبغداد، لجدولة الانسحاب الأمريكي الذي يقود التحالف الدولي في العراق منذ العام 2014، يجد محللون أن “الانسحاب المحتمل” قد يترك البلد تحت خطر أمني، وأنه غير مستعد حتى الآن للتعامل مع التحديات العميقة، بدءاً من الفصائل “القوية” المدعومة من إيران، إلى خلايا داعش الارهابية التي ما تزال حاضرة، وصولاً لسيطرة الفصائل على أموال ومقدرات العراق.
ونقل تقرير لصحيفة “ذا ناشيونال” الأمريكية، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، عن الضابط الأمريكي السابق في القوات الخاصة ديفيد ويتي الذي عمل مع قوات الكوماندوز العراقية، قوله: “إنهم منزعجون من ضرباتنا، لكنهم من هاجم قوات التحالف أولا”، مشيرا بذلك إلى 150 من الهجمات التي استهدفت الامريكيين في العراق وسوريا منذ اكتوبر/تشرين الاول الماضي.
وحذر التقرير، نقلاً عن محللين، من أن التاريخ قد يعيد نفسه في حال انسحبت القوات الأمريكية مرة أخرى، مشيراً إلى أنه عندما انسحبت القوات الأمريكية في العام 2011، خسرت القوات العراقية كفاءتها بسبب تفشي الفساد حيث قام قادة عسكريون ببيع الوقود والذخيرة وحتى الطعام لتحقيق مكاسب شخصية، فضلاً عن تزوير كشوف المعاشات المخصصة للعسكريين”.
وأشار التقرير الأمريكي، إلى أن تقارير التحالف الاخيرة الصادرة عن المفتش العام الأمريكي ما تزال تحذر من أن العديد من هذه المشكلات قائمة حتى الآن، خصوصا في الجانب اللوجستي، وهو ما يثير المخاوف من ان داعش او التنظيمات المماثلة قد تعود الى الظهور في حال انسحبت الولايات المتحدة.
ونقل التقرير عن ويتي، وهو مستشار أمني أيضاً، وعمل بشكل وثيق مع جهاز مكافحة الارهاب العراقي الذي قاد القتال ضد داعش، قوله إن “التدريب الحالي الذي يقدمه التحالف للقوات العراقية قد يكون محدودا للغاية بحيث لا يمكنه حماية الدولة، مردفاً: “لا يوجد تواصل مع قوات الأمن العراقية سوى من خلال وزارة الدفاع وهذا أمر محبط للغاية”.
وتابع التقرير أن ويتي نصح الولايات المتحدة بالاستمرار في تدريب القوات العراقية على أساس نموذج جهاز مكافحة الارهاب، الذي ضم وحدات أمريكية وعراقية صغيرة عملت معا في تنفيذ مهمات مشتركة”.
وبحسب التقرير، فإن ويتي يشعر بالقلق من أنه من دون التدريب المتواصل، فإنه من الممكن ان تعاود المشكلات القديمة الى الظهور مجددا، وهو ما قد يعرض للخطر قدرة بغداد على التصدي لداعش، او مجموعات الحشد الشعبي مثل: كتائب حزب الله وحركة النجباء، التي حذرت من انها قد تطيح بالحكومة العراقية فيما لو طلبت إيران ذلك.
وفي حين لفت التقرير، إلى أن مخاوف ويتي تتعلق بخطر عودة الثقافة العسكرية العراقية الى سابق عهدها، نقل عنه قوله “رأينا هذا يحدث بعد العام 2011، حيث تراجعت المعايير وتدهورت الأمور، وهو يقلقني بشكل خاص فيما يتعلق بجهاز مكافحة الإرهاب وربما ما يحدث الآن مع الجيش النظامي”.
وذكر التقرير بانه بغض النظر عن التهديد الذي يمثله داعش، فإن الخبراء يحذرون من أن الصراع بين الولايات المتحدة وايران في العراق من غير المرجح أن يتلاشى في حال انسحبت القوات الأمريكية.
ونقل التقرير عن الباحث في “معهد واشنطن” الأمريكي مايكل نايتس قوله: “عندما غادرت الولايات المتحدة آخر مرة في العام 2011، كان تنظيم داعش يزداد قوة في سوريا وبدأ في استعادة قوته في العراق”، موضحا أنه “ليس هذا هو الوضع الآن، داعش ليس التهديد الحقيقي الآن، فالخطر الرئيسي على أمن العراق هو سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران على الدولة وتجريدها من أصولها”.
وبحسب نايتس، فإن استيلاء قوات الحشد الشعبي على الدولة العراقية لم يؤد الى نقص التمويل لجهاز مكافحة الإرهاب فقط، وإنما تسبب في تجدد الصراع بين الولايات المتحدة وقوات الحشد الشعبي، مشيرا الى أن الحشد الشعبي “اخترق الحكومة المركزية العراقية، وهم مندمجون في جميع الوزارات الآن.، ليس فقط وزراء فعليين، بل مساعدي وزراء ونواب وزراء، كلهم رجال من مختلف الميليشيات، اختارهم الإطار التنسيقي”.
وفي حين نوه التقرير الأمريكي، إلى أن بموجب ميزانية الحكومة الحالية، فإن تمويل جهاز مكافحة الإرهاب انخفض بنسبة 14%، وتضاعفت ميزانية الحشد الشعبي، نقل عن نايتس قوله: “كنا بحاجة إلى التواجد في العراق الاتحادي لأجل محاربة داعش لأنه كان لدينا شريك عراقي، ولكن الآن لا يوجد شريك داخل العراق لمحاربة التهديد الرئيسي، لأن الميليشيات سيطرت على قطاع الأمن”.
وتابع التقرير: “في حال تحول العراق إلى مركز للحروب الإقليمية التي ينفذها الحشد الشعبي، فإن الصراع بين الولايات المتحدة وبين الميليشيات قد يستمر وقد يصبح أكثر سهولة أمام واشنطن تنفيذ ضربات ضد الحشد من خارج العراق في حال انسحاب الأمريكيين”.
وأوضح أن “الولايات المتحدة قد تصبح أكثر قدرة على ضرب تلك الميليشيات ومعاقبتها وإلحاق الضرر بها إذا كانت خارج العراق”، مضيفا أن “العراق قد يتعرض لعدد أقل من الضربات الجوية اذا انهار التحالف، لأن رئيس الولايات المتحدة قد يكون أقل تحفظا في حال اضطرت القوات، وربما السفارة إلى المغادرة”، مشيراً إلى أن “هذا الرئيس قد يكون جمهورياً”.
وختم نايتس حديثه بالقول، إن “الاستقرار الاقتصادي سيتدهور في العراق في حال لم يكن لدى الولايات المتحدة الدافع لاظهار ضبط النفس فيما يتعلق بحماية الأموال العراقية من الدعاوى القضائية الدولية، وإذا قامت الولايات المتحدة بتقنين إمدادات العراق من الدولارات لأنه قد ينظر إلى اللاعبين الإرهابيين على أنهم استولوا على البلد ووزارة المالية”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية