فؤاد حسين: الصراع الأمريكي الإيراني بدأ ينعكس على المجتمع العراقي
الهجمات على القوات الأميركية ستؤدي لردود فعل مما يخلق أجواءً غير آمنة في العراق
قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إن استهداف أربيل كان صدمةً للجميع وأولهم رئيس مجلس الوزراء، وبين أنه تمّ اتخاذ موقف إلغاء اللقاءات مع المسؤولين الإيرانيين في دافوس بالتفاهم والتنسيق الكامل مع رئيس الحكومة الاتحادية، محمد شياع السوداني.
حسين أشار في لقاء مع برنامج “بلا أقنعة” الذي يعرض على شاشة زاكروس، إلى أن “الصراع الأمريكي الإيراني، يعتبر تحدياً صعباً، نتيجة تأثير الدولتين على الوضع العراقي سواءً السياسي أو المجتمعي و الاقتصادي- بدأ ينعكس بشكل وبآخر على المجتمع، وأحياناً ينفذ قسم من الصراع على الأراضي العراقية، ويعتبر تحدياً صعباً، كون إيران دولة جارة وبيننا علاقات تاريخية جغرافية ثقافية اقتصادية مجتمعية، والتحدي الآخر من دولة عظمى لها تواجدها في العراق وتأثيرها المباشر على المنطقة والعالم، لذلك تؤثر سلباً على الوضع العراقي”.
وبين أنه ليس هناك قواعد أمريكية عسكرية بالبلاد إنما هي عراقية يتواجد بها مستشارين أو مدربين أمريكيين وفي حال استمرار الهجمات على المواقع التي تتواجد فيها الأمريكان من الطبيعي أن تؤدي إلى ردود فعل مما ستخلق أجواء غير آمنة في العراق والمنطقة بأسرها، كما ستخلق مشاكل اقتصادية في وجه المستثمرين والشركات التي ترغب في المجيء إلى العراق، فالهجمات والهجمات المضادة تجعلهم يبتعدون دون أن يخاطروا بأموالهم، وكما هو متعارف عليه أن “رأس المال جبان”، فرأس المال الداخلي يهاجر والخارجي لا يتجرأ على المجيء.
حسين أوضح أن حكومة السوداني هي “حكومة خدمات، بناء الاقتصاد، ونحتاج إلى علاقات دولية، لذلك من غير الممكن أن نهمل العلاقات التي قمنا ببنائها مع الجانب الأمريكي، ومصلحة الدولة هي الأكثر أهمية”.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
حبذا لو تعرّفنا على التحديات التي تواجهها البلاد وكيفية تعامل وزارة الخارجية الاتحادية معها؟
التحديات بعضها داخلية وتؤثر على العلاقات الخارجية، و بالنسبة للوزارة فهي تعتبر التحديات إقليمية ودولية، منها ما تتعلّق بسياسة بعض الدول تجاه العراق، كما أن هناك تحديات بيئية نواجهها، ومنها ما تهدد المجتمعات كالمخدرات وما إلى ذلك، كلها تتعلق بالسياسة الخارجية للبلد، فالخارج يؤثر على الداخل، لكن بصورة عامة يتم إدارة هذه الأزمات في مراحل ومواقف معينة، ونسعى لحلها في مواقع أخرى.
يعتبر البعض أن العراق أصبح ساحة للتصفيات بين أمريكا وإيران، مما جعل البلد ساحة حرب.. من المستفيد من هذه الخطوات، وأين الدبلوماسية من إبعاد هذا الصراع عن البلد؟
الصراع الأمريكي الإيراني، يعتبر تحدياً صعباً نتيجة تأثير الدولتين على الوضع العراقي، سواءً السياسي أو المجتمعي و الاقتصادي- بدأ ينعكس بشكل وبآخر على المجتمع، وأحياناً ينفذ قسم من الصراع على الأراضي العراقية، وتعتبر تحدياً صعباً، كون إيران دولة جارة وبيننا علاقات تاريخية جغرافية ثقافية اقتصادية مجتمعية، والتحدي الآخر من دولة عظمى لها تواجدها في العراق وتأثيرها المباشر على المنطقة والعالم، لذلك تؤثر سلباً على الوضع العراقي.
بالنسبة لقضية انسحاب القوات الأمريكية من العراق هل هناك اتفاق على صيغة معينة بين بغداد وواشنطن لخروج القوات الأجنبية؟ وهل هناك فعلاً انسحاب؟.
الاتفاق كان يختصر على عقد الاجتماعات العسكرية للجنة العليا للبلدبن لكنها توقفت نتيجة للهجمات والهجمات المضادة على القوات الأمريكية، بالنتيجة استطعنا نحن (وزارة الخارجية الاتحادية) مع دولة رئيس مجلس الوزراء، إقناع الجانب الأمريكي بالعودة إلى المفاوضات، إذ كان يرفض العودة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات وهناك هجمات مسلحة على قواتهم.
هل أحرجت هذه الهجمات الحكومة العراقية؟
بدون شك .. بالنتيجة جعلتنا ندفع الثمن، كون الحكومة هي المسؤولة عن العلاقات الدولية، وكيفية إدارتها أما خارج إطار الحكومة فهي تخلق مشاكل حرجة.
التصعيد بين الفصائل المسلحة والقوات الأمريكية إلى أي مدى سيؤثر في البلد بشكل عام، ومن الناحية السياسية والاقتصادية بين العراق وأمريكا؟
ليس هناك وجود لقواعد أمريكية.. إنما هي عراقية مع وجود مستشارين أو مدربين أمريكيين فيها، وفي حال استمرار الهجمات على هذه المواقع التي تتواجد فيها الأمريكان من الطبيعي أن تؤدي إلى ردود فعل .
أولاً سيكون هناك هجمات مضادة، وثانياً ستخلق أجواء غير آمنة في العراق والمنطقة بأسرها، مما تخلق مشاكل اقتصادية خاصة في القضايا المالية، كما ستخلق مشاكل اقتصادية في وجه المستثمرين والشركات التي ترغب في المجيء إلى العراق، فالهجمات والهجمات المضادة تجعلهم يبتعدون دون أن يخاطروا بأموالهم، وكما هو متعارف عليه أن “رأس المال جبان”، فرأس المال الداخلي يهاجر والخارجي لا يتجرأ على المجيء.
إذاً فالتصعيد يؤثر على الوضع السياسي والاقتصادي والمجتمعي ويقلق المواطن، لذا نحن من دعاة البدء بالمفاوضات ونجزم بأن القناة الوحيدة للتعامل مع هذه الأزمات هي الحكومة دون غيرها.
تشترط الفصائل المسلحة انسحاب قوات الاحتلال، هل هناك فعلاً قوات محتلّة في هذه القواعد؟.
أولاً يجب أن نعرّف مفهوم الاحتلال؟ هل هذه القوات جاءت بدعوة من الحكومة العراقية، أم جاءت للسيطرة والاحتلال؟
في الواقع اثبتنا في اجتماع إدارة إئتلاف الدولة بوجود أكثرية القادة، أن هذه القوات جاءت بدعوة من الحكومة العراقية، وقدّمنا الرسالة الرسميّة التي أرسلها وزير الخارجية آنذاك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن.
إذاً الحكومة العراقية هي من دعت لمجيئها، وبإمكانها أن تدعو عبر السبل الدبلوماسية ومن خلال المباحثات إلى رحيلها.
كيف ينظر مجلس الأمن والرأي العالمي إلى قصف أربيل واستهداف الأبرياء؟
كانت هناك مساندة ودعم كبيرين للحكومة العراقية عندما تعرضت أربيل للقصف، وثمّة مواقف واضحة لدعمها.. ومن الواضح أن الهجوم على أربيل كان “عدواناً”، وكان نتيجته ضحايا أبرياء من المواطنين وبكل شفافية نقول أنها كانت مأساة.
والجانب الإيراني لم يستطع إيضاح أي شيء مما جرى.. أحياناً يتذرّع بأنها هاجمت على الإرهابيين، وأخرى تقول أنها استهدفت الموساد دون تقديم أي دليل، علماً أن القصف جاء على المدنيين ورغم إصرارنا عليهم بتقديم الدلائل كونهم يدّعون وجود “مواقع أجنبية”، للأسف لم يستطيعوا ذلك، للأسف وصلنا إلى هذا الحد رغم تأكيدنا على ضرورة أن تكون علاقاتنا مع إيران طبيعية.
هل قدّمت طهران للحكومة العراقية طلباً أو أعلمتها قبل استهداف أربيل
قطعاً .. لا شئ من هذا القبيل.. لا رئيس مجلس الوزراء ولا وزير الخارجية ولا رئيس الجمهورية، هم يتحدّثون عن وجود إسرائيل وإرهابيين، لكننا نريد دلائل .. ولحد الآن لم يقدموا أي دليل.
نحن اتخذنا إجراءاتنا الدبلوماسية، لكن هذه الأزمة يجب أن تحلّ مع طهران والوصول لنتيجة، وعدم تكرار مثل هذه الأزمات.
ما السبيل للحد من هذه الأزمات؟ كونك قلت أنه لم يكن هناك حوار أو أي إخطار للحكومة العراقية.
في الواقع كان هناك تواصل وحوار واتفاق أمني، والجانب الإيراني كان يثمّن هذا الاتفاق المتعلّق ببعض الأحزاب السياسية الإيرانية المتواجدة في كوردستان لكن الضربة كانت مفاجئة للجميع، ولا يعقل أن تهاجم دولة جارة وصديقة الأراضي العراقية والمواطنين العراقيين بهذه الطريقة.
البعض اعتبر القصف الإيراني لأربيل رسالة سياسية أرادت طهران إيصالها لإقليم كوردستان، والبعض الآخر تحدّث عن أنها تهدف لزعزعة أمن كوردستان… كيف تنعكس هذه الأحاديث على أوضاع البلاد بشكل عام؟
كيف لرسالة سياسية أن توجّه بصواريخ؟؟.. رسالة بقتل الأطفال..؟
إذا كان الأمر رسالة سياسية فهي خاطئة جدّاً.. لسنا بحاجة لرسائل عن طريق الصواريخ، فعلاقاتنا كانت جيّدة، والزيارات كانت مستمرّة والحوار مستمر، الاتفاق الأمني مستمر، فنحن لا نحتاج للغة أخرى غير لغة الحوار.
ومع ذلك نحن مستعدين لتقييم الوضع، لكن يجب أن يكون الجانب الإيراني واضحاً، وعليه تقديم الدلائل، فهو هاجم موقعا يتذرع مرّة بأنه موقع إرهابي وأخرى بأنه تجسسي، للأسف لم تقدم سوى معلومات غير صحيحة.
هل كانت المعلومات التي قدموها تختلف عن نتائج تقرير اللجنة التحقيقية التي ذهبت إلى إقليم كوردستان برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي؟
تقييم السيد الأعرجي كان واضحاً، فهو أكّد أن الموقع دار سكني أهلي، لعائلة كوردية من كوردستان العراق، وأشخاص معروفين، واستشهاد أطفال… فالتقرير واضح.
وبالمناسبة هذه ليست المرّة الأولى تقصف طهران فيها إقليم كوردستان، فقبل سنة ونصف كان لها قصف آخر وتحت الذرائع نفسها، بدون تقديم أي دليل، لذلك لا يمكن القبول بهذه المسألة، وقد اتجهنا نحو الأسالیب الدبلوماسية، ومع هذا فنحن نحتاج إلى ترميم هذه العلاقة.
ما هي الأساليب الدبلوماسية؟ وأنتم قدمتم إخطاراً
الشكوى قائمة، لكننا نحن نريد أن نعالج، وعلى الجانب الإيراني أن يفهم علينا فالأمور لا تعالج بهذا الشكل، فقد قصفوا باكستان.. وفي اليوم الآخر ردت باكستان عليهم بالقصف، وفي اليوم التالي ذهبوا إلى باكستان لتقديم الاعتذار،.. ما السبب؟
أما بالتعامل مع قصف كوردستان، فهم لا يقدمون اعتذارا ولا يقدمون أي دليل، كيف سيكون التعامل مع هذه الحالة؟ وهم يتهمون العائلة المغدورة بها ويتهمون الإقليم والعراق بالتجسس.كل ذلك مرتبط بقضايا إيرانية داخلية، فهي تعتبر تصدير مشاكلها الداخلية إلى الدول الأخرى، أما إذا كان هناك ثمّة خطأ كما حصل في باكستان، فلماذا لا يصرحون به؟ كي نطمئن أنها لن تتكرر للمرّة الثالثة، أي أنه ما الضمان لعدم تكرار العدوان بعد أن تكرر مرتين؟
هل أنتم مع الجانب الأمريكي في قرار ضرب إيران؟
لا.. ولم نناقش هذه المسألة مع الجانب الأمريكي، فالجانب الأمريكي فقط علاقته مع الضربات والضربات المضادة.
هل درستم القضية مع الجانب الإيراني؟
لا .. لم يحصل وأنني ناقشت الموضوع مع الجانب الإيراني.
كان لي موعد وزير الخارجية الإيراني عندما كنّا في دافوس، وكان قد تمّ تحديده قبل السفر لكن سبق يوم الموعد الهجوم على العراق، فلم نعقد الاجتماع.
هل كانت صدمة للجميع؟
طبعاً ، وأولهم السيد رئيس مجلس الوزراء، فقد تمّ اتخاذ الموقف بالتفاهم الكامل معه وبالتنسيق الكامل أخذنا الموقف من الجانب الإيراني، لأن اتخاذ المواقف ليس سهلاً.
ضمن الجدليات والأحاديت التي تشيع هنا وهناك، يُقال أن أمريكا جاءت بطلب من العراق، وذلك بعد دخول تنظيم داعش للبلاد، وكان عبر طلب تم تقديمه لمجلس الأمن الدولي، وكذلك للأمم المتحدة، فلذلك يفترض أن يخرجوا بطلب رسمي، هل فعلاً قدّم العراق طلباً رسمياً للجهتين؟
لا أعتقد أننا نحتاج مجلس الأمن، بل نحتاج إلى الوصول لتفاهمات مع الجانب الأمريكي، وكذلك الدول الأخرى من التحالف، لأنه في الواقع الأمريكان هم من يقودون التحالف.
وهناك واقع آخر، وهو تواجد الناتو في بغداد ومن المحتمل أن ينسحبوا في حال انسحاب أمريكا لذلك من الضروري الوصول لتفاهمات مع الجانب الأمريكي، وهذه التفاهمات لا تكون عبر االعنف، إنما الحوار.. والجانب الأمريكي مستعد لذلك، لكنه لم يبدي استعداده لإعادة المفاوضات والاستمرار فيها مع وجود الهجمات.
بهمّة رئيس الوزراء وفريق التفاوض استطعنا إقناع الجانب الأمريكي بالعودة مرة أخرى للتفاوض، والنتيجة كانت البدء في الجولة الثانية قبل أيام، ونتمنى من خلالها الوصول إلى النتائج المرجوّة.
بالحديث عن انسحاب القوات الأمريكية، وفي ظل قصف القوات والقواعد الأمريكية في العراق، هل واشنطن لديها نية الانسحاب، أم أنها ستدافع عن مصالحها بمزيد من الهجمات؟
ما استنتجته من الأمريكان أنه على العكس..
لنكن واضحين، فالأمريكان لا ينسحبون بالقصف، ولا يريدون تكرار ما حصل في أفغانستان، أي إظهار الانسحاب كهزيمة، هم مستعدون للتفاوض من أجل الوصول إلى تفاهمات حول (البقاء أو الانسحاب)، لكن بالنتيجة هذا يبقى قرار عراقي، وليس هناك طريقة أخرى لإقناعهم سوى الحوار، أما الهجوم والقصف يؤدي إلى كارثة كما رأيناه آنفاً.
ربما البعض يقول أنهم يدافعون عن مصالحهم في العراق؟
أنا لم أدخل باب التحليل، إنما من باب الوسيلة لكيفية الوصول للهدف، فإذا كان الهدف هو مطالبة الجانب الأمريكي بالرحيل، يمكن الوصول إليه وفقط عن طريق المفاوضات ولا يمكن ذلك بأي طريقة أخرى.
في جلسة لمجلس النواب حول انسحاب القوات الأمريكية، إلا أن الجلسة لم تكمل النصاب بسبب عدم حضور بعض الجهات السياسية، والتي كانت دائمة الحديث عن إنسحاب قوات الاحتلال، هل هناك ازدواجية في العمل السياسي (يتحدث للإعلام بشيء وتحت مظلة مجلس النواب لا يحضر ولايعمل بما يتحدث به)؟
لست بصدد أو بموقع لتقييم الأحزاب السياسية، فلها سياساتها، لكن الجلسة كانت واضحة، أكثرية الأحزاب العراقية وخاصة الشيعية منها لم تحضر، بينما على الإعلام كان هناك عمل منظم وتعبوي بأنه من أجل إخراج القوات الأمريكية.
كل شيء ممكن عن طريق النقاش.. والبرلمان أرضية صحيحة للحوار والمناقشة، ولكن لم يكن حتى في البرلمان مناقشات، بسبب غياب الكتل الشيعية وأيضاً الأحزاب الكوردية غابت.
بعض الأحزاب لم تحضر هذه الجلسة وفي الإعلام نرى مواقفها واضحة ومصرة على إخراج القوات الأمريكية وتعتبرها قوات احتلال، نريد أن نعرف، السنة والكورد لديهم موقف واضح نذهب إلى حوارات ومن ثم إخراج القوات الأمريكية أم أنهم لا يقبلون نهائيا إخراجهم لأن هذه القوات تكون الضامنة، أي ليس لديهم ثقة أزمة ثقة؟
أريد أن أكون واضحا، هناك بعض الأمور تحتاج إلى قرار وطني، لا قرار مكوناتي، ولا حزبي ولا حتى حكومي، بالنتيجة قرار وطني والمنفذ للقرار الوطني هي الحكومة ولا يوجد طريق آخر، بالنسبة للتعامل مع إيران نحتاج إلى قرار وطني حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة الهجوم على الأراضي العراقية واستمراريته أكثر من مرة.
بالنسبة لتركيا نحتاج إلى قرار وطني وليس حكومي، كيفية التعامل مع الجارة تركيا ومع الجارة إيران، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة عظمى وكانت موجودة ولها تأثير سواء في الداخل العراقي وفي المحيط الإقليمي وفي العالم نحتاج إلى قرار وطني، وكل هذه القرارات يجب أن تنبع من المصلحة العراقية، سواء الأمنية، الاقتصادية أو المجتمعية، كل هذه المصالح يجب علينا دراستها، نحتاج أن ندرس المصلحة والحاجة العراقية، هل نحتاج أمنيا إلى القوات الأمريكية والتحالف؟ هل نحتاج استراتيجيا هذه القوات؟، إذا احتجنا فما هو السبب؟ وإذا لم نكن بحاجتها كيف نتعامل معها؟، نحن لسنا أعداء لأمريكا ولا إيران ولا تركيا.. نحن جيران لدينا تاريخ وجغرافيا وثقافة مشتركة، لكن المواقف من أحداث معينة لها علاقة بالسياسة الإيرانية وهي بمواقع معينة تختلف عن السياسة العراقية، فهم ينطلقون من المصالح الإيرانية في موقفهم مع الأمريكان، فهل نحن ننطلق من المصلحة العراقية في موقفنا من الأمريكان أو ننطلق من موقف آخر أيديولوجي أو عقائدي، بعض الإخوة ينطلقون من موقف مصلحة دولة معينة ضد أخرى وهذا ليس صحيحا، نحن ننطلق من مصلحة الدولة العراقية، مصلحة المجتمع العراقي، الأمن والاقتصاد العراقي، كل هذه الأمور يجب علينا أن ندرسها عندما نتخذ موقفاً، إذا نحتاج إلى حلقة وطنية.
أنت تتحدث عن الحوارات على ان تكون وطنية، ويجب الابتعاد عن بعض الجهات التي تتحدث باسم الفصائل لأن هذا يحرج الحكومة
أولا الدولة هي المسؤولة عن العلاقات الدولية وليس فصائل أو أحزاب، هناك سياقات وقوانين وسلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية، وكل هذا مفصل في الدستور، وليس هناك حزب أو فصيل أو قائد يحدد المسار، ثانيا الذهاب إلى القتال أو الحرب أو السلم من يقرره؟، الدستور موجود، وهذا القرار له علاقة بمؤسسات الدولة، ولا يجب أن يعارض فصيل أو حزب ويسحب العراق إلى الحرب، هذا خطير، وبالنتيجة يجب علينا أن نفتح حواراً مع الفصائل، نحن نتحدث عن حوار خارج الدولة لكن الحقيقة نحن بحاجة لحوار داخلي، ويجب أن نستند فيه على الدستور والقوانين.
هذا التفاهم والحوار مع من؟ بين الحكومة والفصائل؟
القيادات السياسية كلها، لدينا إدارة ائتلاف الدولة والتي تشكلت منها الحكومة، ولديها اجتماعات بشكل دائم وتأخذ قرارات، وقراراتها تترجم من قبل الأحزاب الموجودة في ذات الإطار والتي هي متمثلة أيضا في الحكومة والمتمثلة في البرلمان إلى عمل، لكن مع الفصائل غير الموجودين وإن كان هناك ممثلون عنهم موجودين في الإئتلاف يجب أن يكون الحوار بطريقه أخرى، فبعض الأحزاب يجب أن يفتحوا الأبواب وعلى الفصائل القبول بالحوار.. حوار عقائدي، فكري، أو سياسي من أجل الدولة.
أنت كوزير خارجية وبدبلوماسيتك المعهودة والتي يشهد لها، لماذا لا يتم تبليغ إدارة الدولة أن تفتح حواراً مع الفصائل، ليتم حل هذه الإشكالية الكبيرة؟
خلال العديد من الاجتماعات قمت بطرح هذه المسألة، قلت بأنه هل ممكن أن يكون هناك تزاوج بين الدولة والمقاومة؟، هل نحن مقاومة أم دوله نهتم بالقضايا الدستورية؟، هل هذا ممكن؟، التحدث عن المقاومة بمعزل عن الحكومة والأحزاب السياسية، قمت بطرح هذه التساؤلات خلال اجتماع، من أجل الجواب على هذا السؤال نحتاج إلى نقاش، والنقاش بالنتيجة مع الفصائل، ومن يستطيع القيام بهذا النقاش لأول مرة هم المقربون منهم، ومن ثم نستطيع التوسع.
لقد قدت العديد من الحوارات مع الجانب الأمريكي والإيراني والسعودي، وكان لديك حوارات ناجحة وبدبلوماسية عالية، لماذا لا تكون اليوم الدبلوماسية عالية في هذا الموضوع؟، فالمواطن اليوم يريد الشعور بالأمان. والسؤال هل القوات الأمريكية قوات احتلال أم صديقه أم مستشارين؟، فالبعض يتحدث ويقول إذا كانت قوات صديقة ومستشارين للبلد فكيف يقومون بتسيير طائرات ويقومون بضرب أهداف داخلية في العراق ومن داخل قواعد متواجدة في الداخل، أين الدبلوماسية العراقية؟
لأكون واضحا نحن خلال تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، توصلنا من خلال الأحزاب وبعض الأشخاص إلى تفاهمات مع الفصائل، وأيضا طرحنا هذه المسائل مع الجانب الإيراني، وأحيانا نطلب منهم المساعدة، وحينما لم يكن هناك هجمات لم تكن تقابلها أخرى مضادة، وعندما لم تكن هناك هجمات لم يكن هناك مسيرات، والأمريكان كانوا يتواصلون مع رئيس الوزراء ومعي حول هذه الهجمات ووصل إلى 10 و20 ومن ثم 100 و116 و120 و130 إلى أن تجاوزت الـ 150، وفي كل مرة كانوا يقولون بأنه إذا تم إيقاف الهجمات علينا سنتوقف وليس لدينا أي عمل مع الفصائل، ولكن في حال استمرارها وأدت إلى خسائر بشرية سندافع.
الجانب الأمريكي كان واضحا، وهذه الرسائل وصلتنا، ولكن مع الأسف استمرار الهجمات أدى إلى وقوع ضحايا بين العراقيين، مما تسبب في أزمة.
هناك من يتحدث عن هجمات الفصائل المسلحة على القوات الأمريكية، البعض يقول إنها تحرج حكومة السوداني أمام الرأي العام، خاصة وأن هناك مقبولية دولية لحكومته.. هل فعلا السوداني أصبح بوضع محرج؟
ليست مسألة إحراج فقط، أنا أتحدث عما تقتضيه المصلحة العراقية، نحن نريد الأمان، الهدوء والتنسيق فيما بيننا، التنسيق الداخلي ووحدة الموقف، في حال كان لدينا هذا التنسيق فموقف العراق الدولي قوي، وقد كنا ممسكين بزمام المبادرة، وفي الكثير من الأحيان كنا القادة، والعالم الخارجي يحترم الدولة والحكومة ولكن إذا وقعت فوضى داخلياً وبالطبع كل هذا له علاقة بالوضع في فلسطين والموقف الإيراني، كل هذا أثر على وضعنا، ولولا ذلك فموقفنا واضح وكنا نقود المحيط الإقليمي وليس الداخل فقط.
هل يمكن أن تقوم أمريكا في المستقبل بفرض عقوبات اقتصادية على البلد في ظل ما نشهده من عقوبات على المصارف الأهلية؟
أرى بأنه يتوجب علينا أن ندرس وضعنا بدقة، خصوصا الوضع الاقتصادي والمالي.
نحن حكومة خدمات، بناء الاقتصاد، ونحتاج إلى علاقات دولية، ومن غير الممكن أن نهمل العلاقات التي قمنا ببنائها مع الجانب الأمريكي، ومصلحة الدولة هي الأكثر أهمية، لذلك يجب ترميم هذه العلاقات، والآن أصبح هناك خدش في تلك العلاقات والجولة الثانية قد بدأت لكن يجب أن نستمر بترميمها كما يجب أن نستمر في وقت لاحق بأن يقوم الجانب الإيراني بتغيير موقفه بترميم العلاقات الإيرانية العراقية.
هل تعمل الخارجية والدبلوماسية العراقية على هذا الموضوع؟
بالطبع هذا عملنا، ولكن نحتاج أيضا لموقف من الطرف الأخر، ولدى بعضها علاقة بالداخل ونحن بحاجة لموقف الداخل، أي أنه بالنتيجة السياسة الخارجية جزء أساسي خاصة إذا ما كان المجتمع منفتحا وللتو قد بدأ ببناء الديموقراطية، فالسياسة الخارجية لها علاقة بالداخلية، فإذا كان هناك فوضى بالأخيرة من الصعوبة بيع السياسة الداخلية للخارج.
من الذي أتى مع الدبلوماسية العراقية أكثر أمريكا أم إيران؟
علاقتنا كانت ممتازة مع الطرفين في الواقع، والطرفين في مراحل مختلفة كانوا يثقون بالدبلوماسية العراقية للتفاعل وهم لديهم مشاكل، كنا دائما جزءا من الحل، ونريد أن نبقى كذلك ولكن الإخوة في الداخل يجب أن يفهموا ذلك المشاكل داخلية ستؤثر على الوضع الإقليمي والخارجي، وبإمكاننا أن نعيد هذا المسار ثانية ونكون جزءا من الحل، هي ليست مسألة صعبة علينا، ولكننا بحاجة لموقف داخلي واضح.
لقد قمت بالطلب من واشنطن بإعادة النظر بالعقوبات على المصارف العراقية، هل حصلتم على جواب بهذا الخصوص؟
خلال اتصالي مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، كان حديثا تلفونيا مطولا، طرحت مسألة المصارف وهو وعدني بتزويدي بكل المعلومات عن الخطوات التي سيتخذونها.. في الوجبة الأولى كانت 14 مصرفاً، والثانية 7، كما أنني طلبت معلومات عن لماذا اتخذت الخزانة الأمريكية هذه الإجراءات، ولديهم وجهة نظرهم الخاصة، وسوف أطلع عليها، وعلى ضوء ذلك سنتحرك داخليا أيضا.
البعض يتخوف من أن أمريكا يمكن أن تضع العراق على لائحة البلدان الإرهابية، والبعض يقول بأنه ربما نعود للبند السابع بسبب استهداف قواعدها العسكرية؟
لا أعتقد، علاقتنا مع الجانب الأمريكي قوية، ولكن كل عملي وكل عمل الحكومة أن يفهم الإخوة في الداخل هذه العلاقة. لأن التوتر معهم خطر علينا.
أمريكا اليوم صديق أم عدو؟
أمريكا هي صديق، وإيران صديقة، نحن لا ننطلق من العداوة ولسنا في حالة حرب مع أحد.. بل في حالة سوء تفاهم، حدثت مشكلة لكن سيتم حلها.. بعض الإخوة يعتبرون إيران عدو، وبعض الإخوة يعتبرون أمريكا عدو، وإذا استمرينا هكذا تصبح جميع الدول أعداء، في الواقع عندما يتحرك العراق ترى بأن هناك تحركا دوليا، نحن نبني العلاقات على أساس الصداقة والمصلحة العراقية، مصلحة الدولة، ولكن إذا كان هناك ايدلوجيا لحزب عقائدي يكره دولة معينة أو يعتبر هذه الدولة أو تلك عدو يبقى هذا شأنه الخاص، لكن الدولة العراقية لا تعتبر إيران ولا تركيا ولا أمريكا عدو.
في ظل عملك الدبلوماسي، ونجاح العملية الدبلوماسية.. هناك بعض الجهات والأصوات النشاز الضعيفة، والتي نراها هنا وهناك تتكلم عن عمل معالي الوزير وتتكلم عن وزارة الخارجية
أنا احترم كل رأي. احترم النقد.. لأن منه نتعلم، لكن نقد موضوعي، فمن يعمل يخطئ، واحبذ أن ينتقدني أحد، لكن إذا كان هذا النقد موجه، على سبيل المثال عندما آخذ موقف من دولة معينة نرى الهجمات مما يعني أن هؤلاء الأشخاص موجهين، وما يهمني هو النقد البناء والموضوعي، كما أنني مستعد للقاء من ينتقدني واستقباله ومناقشته وشكره في حال كان كلامه صحيحاً.
قصف القواعد الأمريكية في الأردن، هل خلق تشنجاً بين البلدين؟ ولنتحدث عن موقف الحكومة والسيد السوداني من هذا الأمر.
طبعا بالعمليات الأخيرة التي وقعت هذه أول مرة يتم قصف الأمريكيين على الأراضي الأردنية، وقد كان الموقف محرج أيضا بالنسبة للجانب الأردني، نحن لدينا علاقات قوية وتاريخيه وجغرافية اجتماعية ثقافية مع الأردن.. طبعا الفصائل أنكروا أنهم كانوا وراء القصف، لكن الأمريكان يتهمون تلك الموجودة على الأراضي العراقية.
نحن أولا يجب أن نبتعد عن استخدام العنف كما قلت ونعود للحوار، ثانيا، لا نخلق مشاكل مع الأمريكان ودول الجوار.
لنتحدث عن دور العلاقات الخارجية مع تركيا، بالتحديد فيما يخص نزاعها مع حزب العمال، هل هناك اتفاقية أمنية لترسيم الحدود السياسية بيننا وبين تركيا بعيدا عن التشنجات؟ أيضا المياه لا ننساها.
كان لدينا اجتماع مهم جدا، كان اجتماعا سياسيا للجنة التي يسمونها الأمنيه والسياسية، والذي رأسه من الطرفين وزيري الخارجية والدفاع ورئيسي المخابرات من الطرفين وتم إضافة وزير الداخلية من طرفنا أيضا ممثل الإقليم ورئيس هيئة الحشد الشعبي، كان الاجتماع مهما واتفقنا أن نجتمع خلال هذا الشهر مرة ثانية في بغداد حول قضايا سياسية أمنيه وقضايا المياه والعلاقات وقد بدأنا حوار وعن طريقه ستحل المشاكل والطرفين سيقدمان ورقة عمل.
فيما يخص ترسيم الحدود المائية بين العراق ودول الخليج، قضية الحقول، يعني هل يعقد العراق اليوم حوارات وجلسات لتعزيز هذه العلاقات لحل الخلافات المائية والحدود؟
ليس لدينا مشاكل في ترسيم الحدود لأن هناك اتفاقيات سابقة، بعض النواب طرحوا أن نقوم بإلغائها ولكننا لا نستطيع، فنحن ملتزمون بالقوانين والاتفاقات الدولية وقرارات مجلس الأمن والاتفاقات الثنائية وهذا واضح، هناك مجاميع ليست راضية عنها حسب سياق الاتفاق نستطيع نتحدث عن هذا، مع الجانب الكويتي الآن لديهم حكومة جديدة، ولدينا اتصال ولدي اجتماع قريب مع وزير الخارجية الكويتي الجديد سنتباحث ونحل هذه المشاكل عن طريق الحوار.
دعوة روسيا إلى جلسة طارئة في مجلس الأمن على خلفية القصف الأمريكي الأخير في بغداد، ماذا يعني ذلك تحديدا؟ هل روسيا تريد أن يدخل العراق في سياسة المحاور وأن تكون بغداد حليفتها؟
علاقتنا مع روسيا طبيعية، وقد كان موقفنا واضحا من أزمه أوكرانيا ومن الحرب الروسية الأوكرانية
هل روسيا تريد كسب العراق على حساب أمريكا؟
ما يهم أن علاقتنا جيدة ومتوازنة مع روسيا وعندما طلبت عقد جلسة مجلس الأمن، كانت الجلسة مفتوحة، وممثل العراق حضرها وألقى خطاباً.. نحن كما كان لدينا موقف من الهجمة الإيرانية كان لنا موقف من الهجمة الأمريكية وموقفنا خطابنا بمجلس الأمن كان واضحاً .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية