المكون المسيحي يكرر المطالبة باقرار قانون احوال خاص.. كوردستان تحتضن وتدعم المطلب
برزت مطالبات متكررة لممثلي المكون المسيحي بشأن اقرار قانون خاص بهم للاحوال الشخصية بما يؤدي للتقاضي وفق الاحكام والقوانين المناسبة لمتبنياتهم الدينية ووفقاً للدستور العراقي حيث تنص المادة 41 منه على ان “العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون”، ويرى المختصون بضرورة الالتفات الى مطالبات المكونات والديانات المختلفة وتشريع القوانين الخاصة بهم، وكانت احدث تلك الدعوات هي دعوة بطريرك الكنيسة الكلدانيّة الكاردينال لويس روفائيل ساكو للدولة العراقيّة إلى إصدار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية لمعالجة التعددية الدينية والمذهبية والثقافية. معتبراً ، أنّ مُقتَرَحه يُخرج البلد من انقساماته الطائفية ويعزز الحس الوطني والإنساني وقيم العيش المشترك.
وعدَّ ساكو في كلمة له ضمن مؤتمر عن «قانون الأحوال الشخصيّة للمسيحيّين في العراق»، بالجامعة الكاثوليكيّة في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان ، تشريع قانون جديد خاص بالأحوال الشخصية للمسيحيين ضرورة. ورأى في ذلك ضمانًا لحقوقهم واستقرارًا لعائلاتهم، في ظل غياب قانون مدني موحد.
وقال “نأمل جميعا أن تقود المداولات إلى نضوج مشروع موحد لقانون الأحوال الشخصية بلمسات إنسانية ودينية وأخلاقية واضحة وعادلة للخير العام”.
وأضاف، أن “موضوع الأحوال الشخصية بالغ الأهمية، إذ يعالج قضايا الزواج والطلاق عند المسيحيين وحضانة الأطفال والوصاية والنفقة والتبني والميراث عبر معايير شرعتها حقوق الإنسان العالمية والمبادئ الوطنية والأخلاقية”.
ولفت إلى أن “الدستور يضمن الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد وخاصية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين”، لافتا إلى أن “الحل الذي يعيد الأمل إلى كل المواطنين أيا كانت انتماءاتهم، هو قيام دولة ديمقراطية مدنية، سيدة مستقلة تحترم حقوق مواطنيها، ولا تفرق بين هذا وذاك، وبين الديانات والمذاهب والقوميات، دولة تعتبر الحرية والعدالة والكرامة حقا لا مطلبا، وتوفر سبل العيش الكريم لأبنائها”.
مؤتمر لتأسيس مسودة القانون
وقال نائب محافظ دهوك شمعون شليمون لـ(باسنيوز)، ان “المؤتمر الذي عقد في اربيل جاء كخطوة لتهيئة القاعدة الاساسية لمشروع قانون الاحوال الشخصية للمسيحيين في العراق وتهيئة الخطوات العملية للسير قدماً بهذا المشروع ليكون هو السند والمرجع للقضايا التي تتعلق بالمسيح”.
ولفت نائب محافظ دهوك ، الى ان “عدم وجود قانون احوال خاص بالمسيحيين يعقد حياتهم بشكل كبير وفي شؤون مختلفة من ضمنها مسألة الميراث ولعدم وجود قانون خاص بالمسيحيين فيتم اللجوء الى القانون الخاص بالشريعة الاسلامية لتقسيم الميراث وهناك جوانب مهمة اخرى يجب معالجتها”.
وحضر مؤتمر أربيل رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني. كما شارك فيه راعي إبرشية أربيل الكلدانية ورئيس مجلس أمناء الجامعة المطران بشار متي وردة، وعدد من الأساقفة والكهنة ورجال الدين والقانون والقضاء، ومسؤولون في حكومتي الإقليم والاتحادية.
وشدَّ رئيس الإقليم في كلمته على أيدي رئاسة الجامعة والمشرفين على تنظيم المؤتمر «الذي يتناول مسألة في غاية الأهمّية والضرورة، وهي كتابة مسودة قانون الأحوال الشخصيّة للمسيحيين في العراق».
وأكّد بارزاني دعمه الدائم لمطالب المسيحيين وسائر المكوّنات وحقوقهم. داعياً علماء الدين الإسلامي في كوردستان والعراق إلى تقديم العون لحلّ المشكلات التي يواجهها المسيحيّون نتيجة التفسير غير الصائب وتطبيق القوانين من منطلق الشريعة الإسلاميّة. وسألهم الأخذ في الاعتبار المبدأ الإسلاميّ: لا إكراه في الدين.
الفراغ التشريعي يؤدي لتفاوت قرارات المحاكم
من جانبه اوضح الخبير القانوني علي التميمي، ان “الذي يطبق بما يخص الاسرة والاحوال الشخصية للطوائف والديانات الغير اسلامية ما تنظره محكمة المواد الشخصية والتي تتواجد في كل منطقة استئنافية وهذه المحكمة تعمل وفقاً لمجلة الاحكام العدلية والنظام رقم (1) لسنة 1918”.
واشار التميمي لـ(باسنيوز)، ان “المحكمة تعمل في حالة عدم وجود رأي من قبل الجهة المختصة باحكام الاحوال الشخصية كالكنيسة على سبيل المثال او ما يقابلها ضمن الديانات الاخرى تلجأ الى المواثيق الدولية كاتفاقية “سيداو” او الميثاق العالمي لحقوق الانسان وغيرها من القوانين الدولية”.
واضاف الخبير القانوني، ان “مسائل الزواج والطلاق والتفريق فان محكمة المواد الشخصية تقوم باستفتاء الجهات المختصة بمعنى المرجعية الدينية فيها وعندما يأتي الجواب تبني عليه المحكمة رأيها في اتخاذ القرار وعندما لا تجيب هذه الجهات او لا تملك جواب واضح فان المحكمة تلجأ للقوانين الدولية والمشكلة ان هذا يسبب تفاوت في قرارات المحاكم لكون القرار سوف يترك لرؤية القاضي لعدم وجود نص قانوني واضح بهذا الصدد”.
الجدير بالذكر أنّ مسيحيّي العراق يواجهون تعقيداتٍ في مسائل الميراث والطلاق وفرض اتّباع القاصرين ديانة أحد والديهم إذا غيّر ديانته. وذلك رغم تأكيد الدستور أنّ العراقيّين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصيّة حسب دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم، وأنّهم «متساوون أمام القانون من دون تمييز».
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية