نيران بصون: يهود العراق يشتاقون لبلدهم الأصلي ولن يعودوا إليه وأملاكنا تم الاستيلاء عليها
لم تكتف العراقية نيران بصون، المولودة في بغداد والمقيمة في انكلترا، بالقيام بنشاطات لجمع العوائل العراقية في لندن، بغض النظر عن قومياتهم ودياناتهم، في مناسبات اجتماعية او ثقافية او فنية، حفلات المقام العراقي خاصة، بل ذهبت الى ابعد من ذلك عندما اسست على شبكة الانترنيت(يوتيوب) قناتها، والتي اطلقت عليها تسمية”نور ونار”، والتي تقدم خلالها برامج اجتماعية عديدة الهدف منها جمع العراقيين عامة ويهود العراق خاصة للحديث عن ذكرياتهم وانجازاتهم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تفاجأنا باكتشاف شخصيات اسهمت ببناء العراق واسست لاقتصاده او ابدعت في مجالات ثقافية.
حول سبب تسميتها لقناتها “نور ونار”، وليس باسمها، نيران بصون، مثلا، اوضحت قائلة:”المهم عندي هو محتوى القناة وما تقدمه وليس اسمي، الهدف هو تواصل العراقيين مع بعضهم البعض”. مضيفة: “اما سبب تسميتها بـ (نور ونار) هو اني في طفولتي كنت مع عائلتي في حفلة لنقابة الصحفيين العراقيين في بغداد، كان والدي صحفيا معروفا، وحضر عبد الكريم قاسم الحفلة فذهب والدي للسلام عليه وقد رافقته كوني اصغر الاطفال وكنت مدللة(آخر العنقود)، وسالني قاسم عن اسمي فاخبرته (نيران) فاجاب (انت نور ونار ..تضيئين للاحرار وتشعلين الاستعمار).. انا اعجبت بهذا الوصف ليس لان عبد الكريم اطلقه علي بل لاني عندما اعمل اي شي انجزه بكل جدية وحماس لهذا اطلقت هذه التسميةعلى قناتي”.
اما عن سبب اطلاقها لقناتها التي تعد وتقدم برامجها بنفسها، قالت في حديثها لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الإثنين 2 أيلول 2024: “منذ ان بدأت بنشاطاتي على شبكات التواصل الاجتماعي وانا ارى قلة المعلومات عن يهود العراق، والكثير منها غير صحيحة ويتم تداولها بدون اي بحث او تدقيق”. مشيرة الى ان:”هناك توثيق ومصادر عن يهود العراق باللغتين الانكليزية والعبرية ولكن هذا الامر غير موجود باللغة العربية لذلك قررت ان اسلط الضوء على تاريخ وتراث يهود العراق باللغة العربية ومن خلال عدة برامج، منها رحلة الذكريات، وهي لقاءات مع يهود عراقيين يتكلمون عن ذكرياتهم الحلوة والمرة في العراق.. وحوش نيران، وهو باب للقاءات عن مواضيع مختلفة ومن ضمنها لقاءات مع الغير يهود ولكن الموضوع يبقى له صلة ما بيهود العراق.. هناك ايضا باب،عادات أهلنا، وهي سلسلة عن عادات وتقاليد يهود العراق من ضمنها الاعياد وتقاليد اخرى مثل الزواج والختان.. أيضا باب كلشي وكلاشي و تسيارات، وابواب اخرى”. مؤكدة بقولها:” لا يوجد اي دعم مادي او مالي للقناة فأنا من ابحث عن المواضيع واتواصل مع ضيوفي وانا من اتفق معهم على موعد اللقاء ومنهم من اذهب اليهم مع كاميرتي ومعدات التصوير وانا من يعد الفيديوات وانقحها واضيف الصور والوثائق وانا من انشرها على اليوتيوب واتابع التعليقات.. الامر المفرح هو ان بواسطة هذه القناة استطاع بعض الضيوف التواصل مع اصدقاء ذكروهم في اللقاء بعد انقطاع دام اكثر من خمسين عام”.
وتنوه الاعلامية نيران بصون الى ان:”برامجي تقتصر عن يهود العراق ولكن ضيوفي ليسوا كلهم يهود.. طلب مني البعض ان اعمل لقاءات مع يهود من دول اخرى مثل يهود سوريا ويهود اليمن وغيرهم ولكني لا اود ان تكون هذه اللقاءات لاستضافة شخصيات والاجابة عن اسئلة مجردة من التفاعل وانما اود ان يكون المشاهد جزء من اللقاء وان يتفاعل مع اللهجة العراقية الدارجة او لهجة يهود العراق”. موضحة:” في لقاءاتي مع يهوديات او يهود عراقيين كشفت عن معلومات تعرض للمرة الاولى مثلا عن (رز خلاصجي) الذي زرعه وطوره يهودي عراقي من سكنة الديوانية، وغيرها من القصص غير المعروفة والتي تتعلق بالانجازات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وكما ذكرت ان هدفي من هذه اللقاءات هي تدوين تاريخ وتراث يهود العراق باللغة العربية ولكن هناك مواضيع كثيرة اخرى يمكن توثيقها وانا في الواقع حريصة على التنويع في اللقاءات او الفيديوهات التي انشرها، وكلها بعيدة عن السياسة.. مثلا هناك لقاء عن ساسون والياهو خلاصجي الذين كانوا معروفين بشعرهم الشعبي مثلا ما كتبه ساسون خلاصجي:
بالله على هاي الروح
عاوني يالمار
ما ترضى تمشي وياي
مجلبة بالدار
ايضا اغنية (يا لابسة للغوة زبون الزري) التي غناها ناظم الغزالي من ضمن فنانين عراقيين اخرين..ولدي لقاءات مسجلة تحتاج ان اعدها واضيف الصور والوثائق وحوارات احاول ان اسجلها فالتواصل مع ضيوفي وترتيب الضروف والوقت المناسب للضيف ولي ليست دائما سهلة ففرق التوقيت بيني وبين الضيف اذا كان يسكن الولايات المتحدة او كندا تحتاج بعض الترتيبات”.
مع الكاتب اليهودي العراقي ايلي عمير
تشير نيران بصون الى انها تتواصل: “مع بعض الضيوف بسهولة جدا اما لأني اعرفهم شخصيا اوعن طريق اصدقاء الذي يؤمنون بهذا المشروع وهناك قلة قليلة احتاج ان اقنعهم بأن التوثيق مهم. منهم من نجحت بإقناعهم ومنهم لم انجح بعد.. هذا التوثيق مهم جدا لأن الكثير ممن غادر العراق الان في سن الثمانينيات او اكثر ومن ضمنهم اربعة توفوا بعد أشهر من تسجيلي اللقاءات معهم”.
وفي ردها عن سؤال يتعلق برصدها لرغبة بعض يهود العراق بالعودة الى بلدهم الاصلي؟ قالت:”لا اعتقد ان هناك اي يهودي عراقي، بضمنهم انا، يود العودة الى العراق فالكل بنى حياة جديدة ولكن انا متأكدة ان الكثير حتى من الاجيال الثاني والثالث وحتى الرابع يودون زيارة العراق”.موضحة:” مع الاسف لم يبقى سوى عدد قليل جدا من اليهود في العراق ، اقل من عدد اصابع اليد الواحدة”.
معبد يهودي في بغداد تعرض للخراب
من الجدير بالذكر ان نيران بصون ولدت في منطقة الكرادة وسط بغداد، بجانب الرصافة، وغادرت العراق في سن السادسة عشر، لهذا تقول:”ذكرياتي عن بغداد قليلة لأن الفترة التي عشتها في العراق كانت حرجة جدا بالنسبة ليهود العراق وبالرغم من ذلك احاول ان اتشبث بها واتابع كل ما يجري في البلد.. كانت الظروف قد اصبحت صعبة جدا بالنسبة لليهود فالمضايقات والقوانين التعسفية ضدهم دفعتهم اليهود الى مغادرة بلدهم الاصلي ومن ضمنهم عائلتي التي غادر اغلبيتها العراق في عام 1973 وبجوازات سفر صالحة لسفرة واحدة، اي المغادرة بدون عودة”. مشيرة الى ان:”املاك اليهود في العراق جُمدت ولكن حسب معلوماتي سمح النظام السابق بعرض بعضها للبيع في المزادات العلنية وبالاخص املاك المحسن المعروف مناحيم دانيال، منها مبنى مدرستي وملعب الطائفة اليهودية صودرت واملاك اخرى بيعت بعد تزوير الوثائق ولا يزال البعض يحاول تزوير وثائق للإستلاء عليها وحتى مراقد الانبياء تم الاستلاء عليها وتغييرها”.
توضح نيران بصون قائلة ان “اغلب يهود العراق في اوروبا موجودون في بريطانيا وهناك علاقات عائلية وصداقات واعمال مع عراقيين غير يهود”. مؤكد عن اعتزازها بعراقيتها.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية