هل يستطيع العراق محاكمة ترامب من خلال مذكرة الاعتقال القديمة؟
بعد إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على منافسته كامالا هاريس، بدأ عراقيين بالتساؤل عن مصير مذكرة إلقاء القبض الصادرة من القضاء العراقي عام 2021 ضد ترامب، على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس وعدد من المرافقين العراقيين والإيرانيين أوائل كانون الثاني من عام 2020، بأوامر من دونالد ترامب الرئيس الأمريكي حينذاك.
وكان الجيش الأمريكي قد نفذ عملية الاغتيال بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد الدولي في الثالث من كانون الثاني عام 2020.
وأعلن مجلس القضاء العراقي في كانون الثاني 2021 إصدار مذكرة إلقاء القبض على الرئيس الأمريكي السابق بعد “استكمال الإجراءات التحقيقية في القضية وتدوين أقوال المدّعين بالحق الشخصي من ذوي القتلى والممثل القانوني عن السفارة الإيرانية، بعد أن نظر القاضي المكلف في قضية اغتيال أبو مهدي المهندس ومن معه”.
وذكرت محكمة التحقيق المختصة أن المذكرة صدرت استناداً لأحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي.
وأضاف قاضي المحكمة أن “المذكرة صدرت بعد استكمال الإجراءات التحقيقية كافة والكشف على موقع الحادث وجمع الأدلة وسماع أقوال الشهود والمدّعين بالحق الشخصي الذين أجمعوا على توجيه الاتهام بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب استنادا لتصريحاته العلنية التي نشرتها وسائل الإعلام”.
وما زاد الجدل لدى مستخدمي مواقع التواصل في العراق في الساعات التي تلت إعلان فوز ترامب هي برقيات التهنئة التي بعثها إليه كل من الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
والسؤال الأبرز كان “كيف يمكن تهنئة شخص صدرت ضده مذكرة قبض من المحاكم العراقية؟
وتساءل آخرون “كيف ستتعامل الحكومة العراقية مع الإدارة الأمريكية الجديدة ورئيسها مطلوب للقضاء العراقي وهناك اتفاقيات بين البلدين أبرزها اتفاقية الإطار الاستراتيجي؟
بينما اعتبر آخرون أن تهنئة ترامب تعد “نوعاً من التقليل من شأن القضاء العراقي، واستهزاءً بدماء مَن قُتلوا”.
كما رسم آخرون بسخرية سيناريوهات اعتقال ترامب في بغداد، وكيف يمكن للقوة المكلفة بذلك تنفيذ الأمر.
وتنص المادة 406 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 على أنه “يُعاقب بالإعدام من قتل نفساً عمداً في إحدى الحالات التالية: إذا كان القتل مع سبق الإصرار والترصد، أو إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة أو مفرقعة أو متفجرة، أو إذا كان القتل لدافع دنيء أو مقابل أجر، أو أذا استعمل الجاني طرقاً وحشية في ارتكاب الفعل، أو إذا كان المقتول من أصول القاتل أو وقع القتل على موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو خدمته أو بسبب ذلك، أو إذا قصد الجاني قتل شخصين فأكثر فتم ذلك بفعل واحد”.
ويقول الباحث القانوني علي التميمي إن “القضاء العراقي اتخذ تلك الإجراءات القانونية وأصدر أمر القبض على دونالد ترامب كونه وجد أنه شريك في جريمة قتل، وفق المادة 406 من قانون العقوبات، وهذا إجراء قضائي صحيح، وإن تطبيق القانون واجب على القضاء وفق المادة 30 من قانون المرافعات العراقي”.
وأضاف التميمي أن “مسألة تنفيذ القانون تقع على عاتق الجهات التنفيذية، وكان بإمكان العراق مفاتحة الشرطة الدولية الإنتربول لتنفيذ مذكرة إلقاء القبض، خاصة وأن ترامب لم يكن رئيساً، واللجوء أيضاً إلى الأمم المتحدة لأن ما حدث هو انتهاك للسيادة العراقية في حينه”.
وتابع “أصبح ترامب الآن رئيساً للولايات المتحدة، والرؤساء – وفق القانون الدولي – يتمتعون بالحصانة الرئاسية وفق اتفاقيات دولية تمنع أي إجراء قانوني ضد رؤساء الدول لتمتعهم بالحصانة طالما كانوا في مناصبهم”.
وأشار التميمي إلى أن “اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الرئيس ترامب في الوقت الحاضر غير ممكن، لوجود تلك الاتفاقيات التي تعطي الحصانة الدبلوماسية، وهي حصانة مطلقة غير مجزأة”.
من جانبه يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علاء مصطفى لبي بي سي، إن “مذكرة إلقاء القبض الصادرة ضد دونالد ترامب ليس لها أي تبعات سياسية، والدولة تعمل بقنواتها الدبلوماسية بعيداً عن القضاء لأن القضاء العراقي مستقل”.
وأضاف مصطفى أن “القضية لم يترتب عليها أصلاً أحكام قضائية لأنها عبارة عن أول حلقة في التحقيق بعد أن استلم القاضي الشكوى وحرر هذه المذكرة”.
ويشير التميمي إلى أن “هناك تضخيماً وأن القضية لن تترك أي آثار على الوضع السياسي، إلا أن البعض “يحاول أن يضخم في هذا المحور”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية