سيناريو “مريب” يحتاج إجابات.. العراق يدفع مليوني دولار يوميا لتركمانستان مقابل غاز تستهلكه إيران؟
في أواخر 2023، وقع العراق مذكرة تفاهم مع تركمانستان لتوريد الغاز الى العراق، وفي منتصف العام الحالي 2024 وقعت ايران وتركمانستان عقدا لتوريد الغاز التركمانستاني بطريقة “المقايضة الثنائية” لصالح العراق، قبل ان يعود العراق بعد حوالي 3 اشهر لتوقيع الاتفاق الرسمي مع تركمنستان لتوريد الغاز عبر ايران.
وتعرف “المقايضة الثنائية”، هو أن تقوم تركمانستان بتصدير حوالي 25 مليون متر مكعب يوميا الى الأراضي الإيرانية الشمالية، التي تعجز ايران عن إيصال الغاز اليها، ثم تعطي العراق كميات مساوية من غازها من الأراضي القريبة عبر الانابيب، بمعنى ان العراق يشتري الغاز التركمانستاني ويدفع الأموال لتركمانستان بقيمة 20 الى 25 مليون متر مكعب يوميًا ويتجاوز مسألة العقوبات أولا، ثم تقوم ايران باستهلاك هذا الغاز الذي دفع العراق أمواله لتركمانستان، في محافظاتها الشمالية، بالمقابل تعطي للعراق كميات مساوية من الغاز من حقولها القريبة على العراق عبر الانابيب.
لكن استمرار قطع ايران للغاز على العراق تحت مبررات الصيانة وغيرها، دون التزام بالعقد الموقع مع العراق، فتحت باب التساؤلات والمخاوف من ان العراق وقع “ضحية نصب”، فالعراق ملزم بدفع الأموال الى تركمانستان مقابل 25 مليون متر مكعب يوميًا، وبقيمة تبلغ 2.5 مليون دولار يوميًا، او ما يقارب المليار دولار سنويًا، لكن بالمقابل، لا يفرض العراق شروطا كما يبدو على ايران في العقد.
وهذا ما يقوله الباحث الاقتصادي زياد الهاشمي، الذي أشار الى ان ايران لم تقطع الغاز عن العراق فحسب، بل هي تقوم باستهلاك الغاز التركمانستاني الذي يدفع العراق أمواله، وتقوم بحرقه واستهلاكه في محافظاتها الشمالية.
سيناريو خطير يكشف عن مدى الفجوة التفاوضية مع عدم اعلان وكشف العراق للبنود الرسمية للعقد مع ايران او مع تركمانستان حتى، فيما سبق للسومرية نيوز ان اعدت تقرير طرح جملة تساؤلات على هذا العقد.
ووصف تقرير السومرية نيوز حينها والذي تم نشره في تموز 2024، هذه الاتفاقية بانها تحمل الكثير من المفارقات وعلامات الاستفهام والتساؤلات، الأول أن الغاز التركمانستاني سيتشريه العراق لإيران، أي انه سيدفع أمواله الى تركمانستان لكنه لن يستلم هذا الغاز ابدًا، بل سيذهب هذا الغاز الى الشمال الإيراني، بالمقابل تعطي ايران غازا بنفس الكميات ربما الى العراق من غازها المحلي بنفس الوقت.
هنا سيقوم العراق بتسديد اثمان الغاز الإيراني لكن دون تسليم ايران الأموال بل تسليمها الى تركمانستان مما سيؤدي الى تجاوز مسألة العقوبات.
اما التساؤلات الأخرى، فتتعلق بسعر الغاز التركمانستاني، فهل سيشتري العراق غاز تركمانستان بنفس سعر الغاز الإيراني ام انه سيدفع أموالا اكبر لتركمانستان مقابل الحصول على نفس الغاز الإيراني الذي كان يستورده سابقًا؟، كما أن السؤال الثالث هو هل سيتحمل العراق كلفة الانبوب الممتد من تركمانستان الى ايران؟، باعتبار ان ايران غير محتاجة لانشاء هذه الشبكة واستيراد غاز تركمانستان بل انها أقدمت على هذه الخطوة لصالح العراق فقط فهي تستطيع الاكتفاء بغازها المحلي وتوقفه عن العراق وتستخدمه للاستهلاك الداخلي.
كما ان التساؤل الثالث والخطير بذات الوقت، هل ستتعامل ايران على ان الغاز القادم من تركمانستان والذي يدفع العراق أمواله، هو ليس غازا للمقايضة تأخذه ايران مقابل منح العراق جزءا من غازها؟، أي بمعنى اخر هل ستعتبر ايران نفسها انها “ارض مرور” للغاز التركمانستاني نحو العراق بالتالي تأخذ رسوم عبور إضافية؟ بالرغم من ان ماسيحدث ليس كذلك فالغاز التركمانستاني لن يصل الى العراق ابدًا بل ستتم مبادلته، أي تاخذه ايران وتمنح العراق جزءا من غازها المحلي الذي تزوده للعراق منذ سنوات.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية