لقاءات نيجيرفان بارزاني في ميونخ: دعم دولي لكوردستان وتأكيد على حقوق المكونات في سوريا
شهدت مدينة ميونخ الألمانية انعقاد النسخة السنوية لمؤتمر ميونخ للأمن لعام 2025، وهو أحد أبرز المحافل الدولية لمناقشة القضايا الأمنية والاستراتيجية.
شارك في المؤتمر رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، الذي عقد سلسلة لقاءات مهمة مع مسؤولين دوليين، بهدف تعزيز علاقات الإقليم مع الدول الفاعلة، وبحث التطورات الأمنية والسياسية الإقليمية، خاصة في العراق وسوريا والشرق الأوسط عموماً.
تأتي هذه المشاركة في إطار استراتيجية إقليم كوردستان لتعزيز حضوره الدبلوماسي والانخراط في المسارات السياسية الدولية، بما يعزز الاستقرار في المنطقة ويؤكد مكانة الإقليم كشريك أساسي في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية.
في لقاء جمعه مع وزير الخارجية البريطاني، أكد الأخير التزام المملكة المتحدة بدعم إقليم كوردستان، مشيراً إلى أهمية العلاقات التاريخية بين الجانبين في المجالات الأمنية والاقتصادية. كما شدد على أن بريطانيا مستمرة في تقديم المساعدة لإقليم كوردستان، سواء في مجال مكافحة الإرهاب أو تعزيز البنية التحتية والمؤسساتية للإقليم.
في سياق متصل، بحث بارزاني مع وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، أهمية استمرار الدعم الإيطالي لتدريب قوات البيشمركة وتعزيز قدراتها العسكرية. شدد الجانبان على ضرورة التنسيق المشترك لمواجهة التهديدات الأمنية، وعلى أهمية العلاقات بين كوردستان وإيطاليا في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة.
من جهته، جدد وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، دعم بلاده لإقليم كوردستان، مؤكداً أن التعاون بين برلين وأربيل يمثل جزءاً أساسياً من جهود تعزيز الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة. كما أشاد بالدور الذي تلعبه قوات البيشمركة في محاربة الإرهاب، معتبراً أن استمرار دعمها يعد ضرورة استراتيجية في مواجهة التحديات الأمنية المستمرة.
كان الوضع في سوريا من بين أبرز الملفات التي ناقشها نيجيرفان بارزاني خلال مشاركته في المؤتمر، حيث التقى بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني. ركز اللقاء على أهمية حماية حقوق الشعب الكوردي وجميع المكونات السورية، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حلول سلمية قائمة على الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف.
أكد بارزاني أن استقرار سوريا لا يمكن تحقيقه دون ضمان حقوق جميع مكوناتها، مشدداً على أهمية الاعتراف بحقوق الكورد وضمان مشاركتهم الفاعلة في أي تسوية سياسية مستقبلية. كما ناقش الجانبان تداعيات الأزمة السورية على الأمن الإقليمي وسبل تعزيز التعاون في المجالات الإنسانية.
خلال المؤتمر، التقى نيجيرفان بارزاني بالرئيس البلغاري، رومين راديف، حيث أشاد الأخير بالدور الفعّال الذي يلعبه إقليم كوردستان في الحفاظ على الاستقرار داخل العراق والمنطقة. كما أكد على أهمية العلاقات الثنائية بين كوردستان وبلغاريا في مختلف المجالات، مشيراً إلى استعداد بلاده لدعم جهود الإقليم في المجالات الاقتصادية والتنموية.
في إطار تعزيز العلاقات مع الشركاء الدوليين، اجتمع بارزاني مع السيناتور الأميركية إليسا سلوتكين، حيث ناقشا سبل تعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإقليم كوردستان. أكدت السيناتور سلوتكين أن واشنطن ترى في كوردستان شريكاً استراتيجياً، وأنها ملتزمة بدعمه على مختلف الأصعدة.
وفي لقاء آخر، التقى بارزاني بالسيناتور الجمهوري البارز ماركو روبيو، حيث شدد الأخير على أن أميركا تنظر باهتمام بالغ إلى علاقاتها مع العراق وإقليم كوردستان، مشيراً إلى أهمية استمرار التنسيق الأمني بين الجانبين، خاصة في مواجهة تهديدات الإرهاب والجماعات المتطرفة.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي، مارك روبيو، خلال لقائه مع بارزاني، أن بلاده ستواصل دعم استقرار العراق وإقليم كوردستان، وأن التعاون المشترك بين واشنطن وأربيل يمثل عنصراً رئيسياً في جهود تحقيق الاستقرار الإقليمي.
كما أكد ممثلو الحكومة الهولندية، خلال لقاء مع بارزاني، أن هولندا مستعدة لمواصلة دعم إقليم كوردستان، مشيرين إلى أن التعاون بين الجانبين يمتد ليشمل المجالات الأمنية، التنموية، والاقتصادية.
أحد اللقاءات المهمة التي عقدها رئيس إقليم كوردستان في ميونخ كان مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، حيث بحث الجانبان العلاقات الثنائية بين أنقرة وأربيل، والتطورات الأمنية والسياسية في العراق وسوريا، حيث شدد نيجيرفان بارزاني على أهمية التعاون المشترك لتعزيز الاستقرار، في حين أكد فيدان على التزام تركيا بتطوير العلاقات الاقتصادية والأمنية مع إقليم كوردستان.
ناقش اللقاء أيضاً ملف النفط والتجارة، حيث أبدى بارزاني استعداد الإقليم لتعزيز التعاون مع تركيا في هذا المجال، بما يخدم المصالح المشتركة.
تعكس لقاءات نيجيرفان بارزاني خلال مؤتمر ميونخ للأمن رؤية إقليم كوردستان لتعزيز دوره الإقليمي والدولي. من خلال هذه اللقاءات، سعى بارزاني إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، أبرزها:
1. تأمين الدعم الدولي لكوردستان في مواجهة التحديات الأمنية، لا سيما في ظل التهديدات المستمرة من التنظيمات الإرهابية.
2. توطيد العلاقات مع القوى الفاعلة دولياً، مثل الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، لضمان استمرار الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري للإقليم.
3. تعزيز الدور الدبلوماسي لكوردستان في الملفات الإقليمية، مثل الأزمة السورية، وضمان مشاركة الكورد في أي تسوية سياسية مستقبلية.
4. مناقشة الملفات الاقتصادية مع الدول ذات التأثير، مثل تركيا وهولندا، لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار.
تبرز أهمية هذه اللقاءات في توقيتها، حيث تشهد المنطقة تحديات كبيرة، أبرزها تصاعد الصراعات الإقليمية، وعودة التهديدات الإرهابية، والتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
تؤكد مشاركة بارزاني في مؤتمر ميونخ واللقاءات التي أجراها على أن إقليم كوردستان بات لاعباً رئيسياً في المعادلة الإقليمية، يسعى لتعزيز حضوره الدولي وتأمين شراكات قوية تخدم مصالحه الاستراتيجية.
تعكس مشاركة نيجيرفان بارزاني في مؤتمر ميونخ للأمن لعام 2025 استراتيجية إقليم كوردستان في تعزيز حضوره الدولي والانخراط في القضايا الإقليمية والدولية الكبرى. من خلال لقاءاته مع المسؤولين الدوليين، أكد بارزاني على أهمية الشراكات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية، وسعى إلى توثيق علاقات الإقليم مع القوى الفاعلة، بما يحقق الاستقرار والتنمية ويضمن حقوق جميع مكونات المنطقة عبر الحوار والتعاون المشترك.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية