مهرجان اللقالق: عندما تتحول قرية كوردية صغيرة إلى معجزة بيئية
في مشهد يجسد أجمل صور التناغم بين الإنسان والطبيعة، تتحول قرية “دەرەتفێ” الكوردية كل عام إلى مسرح طبيعي فريد، حيث تستقبل مئات طيور اللقلق في موكب سنوي يتجدد مع أولى نسمات الربيع.
هذه القرية الصغيرة، المتربعة بسكون على ضفاف بحيرة زريبار في مريوان، تحولت من مجرد نقطة على الخريطة إلى نموذج عالمي في حماية البيئة والتعايش مع الطبيعة.
هنا، اللقالق ليست مجرد طيور مهاجرة، بل هي جزء من عائلتنا”، بهذه الكلمات البسيطة يلخص أحد سكان القرية لكوردستان24، علاقة استثنائية نسجها الأهالي مع ضيوفهم المجنحين على مدى سنوات.
ولم يكتفِ سكان القرية بالترحيب الصامت بهذه الطيور، بل ابتكروا مهرجاناً سنوياً يحتفي بعودتها، يمزج بين الثقافة والفن والوعي البيئي.
وفي نسخته الثالثة، تحول المهرجان إلى كرنفال ثقافي شامل، حيث تمتزج الموسيقى الكوردية التقليدية مع الرقصات الفولكلورية، فيما تتعالى أصوات الشعراء والمثقفين في خطب وقصائد تتغنى بجمال الطبيعة وضرورة حمايتها. “إنه درس في حب الحياة”، كما يصفه أحد الزوار لكوردستان24، مضيفاً أن المهرجان يعكس الروح الحقيقية للشعب الكوردي المحب للطبيعة والحياة.
ولم تقتصر ثمار هذه المبادرة الفريدة على الجانب البيئي فحسب، بل امتدت لتشمل الجانب الاقتصادي أيضاً. فقد شهدت القرية نهضة اقتصادية ملحوظة، مع زيادة إيرادات المحال التجارية والفنادق ومحطات الوقود بنسبة وصلت إلى 80%، مما يؤكد أن حماية البيئة يمكن أن تكون محركاً للتنمية المستدامة.
وبينما تواصل طيور اللقلق رحلتها السنوية إلى “دەرەتفێ”، متخذة من أسطح المنازل وأعمدة الكهرباء مواقع لأعشاشها، تواصل القرية تحولها إلى مدرسة حية في حماية البيئة، تلهم القرى والمدن المجاورة. فما بدأ كمبادرة بسيطة من قرية صغيرة، تحول إلى نموذج يحتذى به في كل كردستان الشرقية وإيران، يثبت أن العلاقة بين الإنسان والطبيعة يمكن أن تكون قصة نجاح تستحق أن تُروى.
هذه القرية الصغيرة، بمهرجانها السنوي وسكانها المحبين للطبيعة، تقدم درساً عملياً في كيفية تحويل التحديات البيئية إلى فرص للتنمية والإبداع، مؤكدة أن الحفاظ على البيئة ليس مجرد شعار، بل نمط حياة يمكن أن يغير وجه المجتمعات إلى الأفضل.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
