تفكيك “التضارب” حول الحشد وترامب.. “خلط إيراني” مزمن؟
أصبحت مسألة “المطلب الأمريكي” لحل الحشد الشعبي، مسألة معقدة وضائعة الحقيقة، نتيجة التضاربات المستمرة التي تصدر بين السلطات التشريعية والتنفيذية والمستشارين الحكوميين والسياسيين بل حتى وصلت الى الدبلوماسيين الإيرانيين ولغاية رئيس الوزراء العراقي، في مسألة تحتاج الكثير من التفكيك لمعرفة الحقيقة.
طوال الأشهر الماضية، خرجت تقارير وتصريحات ليس من مصادر مجهولة، بل على لسان حتى مستشارين حكوميين بوجود مطالب أمريكية بحل الفصائل وإعادة تنظيم الحشد، بل قال اخرون ان المطالب الامريكية تضمنت “دمج الحشد في القوات المسلحة”.
بالمقابل، خرج مستشارون وشخصيات سياسية كبيرة من بينهم رئيس البرلمان للتأكيد بان هذه الادعاءات غير صحيحة وغير موجودة، بل ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أكد بنفسه عدم وجود اية طلبات أمريكية تتعلق بالحشد، بل وغير مسموح ان تتم مثل هذه الطلبات والتدخلات المباشرة بقرارات الحكومة وان لا احد يفرض على العراق شيئًا.
لكن السفير الإيراني في العراق، محمد كاظم ال صادق، وبالتزامن مع التأكيد النهائي للسوداني، خرج بتصريح قال ان رسالة ترامب الى طهران تضمنت مطالب بحل الفصائل و الحشد، لكن الاطلاع على تصريح ال صادق، يبين انه جاء بصورة غير مباشرة قبل ان يشدد عليه مقدم البرنامج للسؤال عن فحوى المطلوب فيما يخص العراق.
بعد ذلك، خرج السفير الإيراني لينفي التصريح المتداول، ويؤكد ان تصريحه جاء في سياق التحليل وليس المعلومة، وهو ما يبدو بالفعل على هيئته ونبرة صوته اثناء الحديث.
ما يعزز رواية التحليل، هو الاطلاع على نص الرسالة الامريكية الى طهران التي انتشرت اليوم، والتي جاءت موجهة من ترامب الى المرشد الأعلى بشكل مباشر، حيث تضمنت الرسالة نصا قابلا للتحليل وهو: “احذركم، إذا رفضتم هذه اليد الممدودة، وإذا اختار النظام الإيراني مسار التصعيد، والدعم المستمر للتنظيمات الإرهابية، والمغامرات العسكرية، فإن الرد سيكون حاسمًا وسريعًا”.
الحديث عن “الدعم المستمر للتنظيمات الإرهابية”، يكشف بشكل واضح ان الجانب الأمريكي يقصد الفصائل المسلحة في المنطقة ضمن محور المقاومة، وعلى مايبدو ان السفير الإيراني استنتج ان “إيقاف دعم ايران للفصائل” يعني بالضرورة انها سيتم حلها، ومن الغريب انه حلل عبارة “إيقاف الدعم للتنظيمات”، بانها تشمل الحشد أيضا وليس الفصائل، وهو الامر الذي دائما ما تستخدمه جهات إيرانية باعتبار الحشد الشعبي بانه “باسيج” ويتم ذكره جنبا الى جنب مع الحوثيين وحزب الله اللبناني، ولا يتعاملون مع شيء منفصل يدعى “فصائل” و”حشد شعبي”، خلافا للواقع العراقي الذي يؤكد ان الحشد مؤسسة حكومية صريحة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، ومنفصلة عن “الفصائل”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية