“انتقادات” و”عتب” لاستنفار العراق بشأن لبنان، فما القصة؟
وجهت الحكومة العراقية باستنفار كل الجهود لتقديم المساعدات إلى الشعب اللبناني جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 5 أيام متتالية على بلادهم، فضلاً عن تسهيل دخول اللاجئين إلى العراق وتهيئة كل سبل الراحة لهم، فيما يعتبر مراقبون أن ما يحصل هو “ازدواجية” في التعامل، خاصة عند مقارنة ذلك مع نازحي الداخل الذين لا يزالون يعانون في المخيمات دون التفاتة حكومية لهم.
وتسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ الاثنين وحتى اليوم الجمعة بقتل 726 شخصاً وجرح ما يزيد عن 2173 آخرين، ما يرفع إجمالي الحصيلة منذ بدء المواجهات بين تل أبيب وحزب الله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 1565 قتيلاً و5 آلاف و410 مصابين.
وبجانب القتلى والجرحى تسبب العدوان الإسرائيلي حتى الخميس بنزوح 77 ألفاً و100 شخص، وفق تقرير صادر عن وحدة إدارة مخاطر الكوارث بالحكومة اللبنانية.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الجمعة، إن أكثر من 30 ألفاً، معظمهم سوريون، عبروا من لبنان إلى سوريا خلال الأيام الثلاثة الماضية، وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية.
ويعد العراق أول المبادرين في تقديم الدعم والإسناد للشعب اللبناني الشقيق، جراء الاعتداءات السافرة للكيان الصهيوني على بلادهم، بحسب المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد.
ويضيف مجيد لوكالة شفق نيوز، أن “الحكومة العراقية متمثلة برئيس الوزراء وجهت باستنفار الجهود الحكومية كافة لتقديم المساعدات وإرسالها إلى لبنان، وبناءً على ذلك أرسلت وزارة الصحة 15 طناً من المواد الطبية والعلاجية و20 طبيب من مختلف الاختصاصات، فضلاً عن شحنات أخرى مماثلة لهيئة الحشد الشعبي والهلال الأحمر”.
ويتابع، “كما نفذت قيادة القوة الجوية خمس طلعات جوية بتنسيق مباشر مع قيادة العمليات المشتركة، وأثمرت الطلعات عن إرسال 75 طناً من المواد العلاجية والطبية والإغاثية المختلفة، موزعة على شحنتين لوزارة الصحة وثلاث شحنات للحشد الشعبي وواحدة للهلال الأحمر”.
وأشار إلى أن “دعوة المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني بمساعدة الشعب اللبناني، أثمرت عن استنفار جهد شعبي كامل، وبدأت العتبات الحسينية والعباسية والكاظمية وبقية الفعاليات الدينية بفتح مكاتب وفروع في كل المحافظات لاستقبال التبرعات”.
فيما دعت وزارة الصحة العراقية نظيرتها اللبنانية لاستقبال الجرحى، وتم استقبال أول الجرحى اللبنانيين من قبل العتبة الحسينية يوم أمس، وفق مجيد.
وإلى جانب تقديم المساعدات كانت هناك إجراءات لتسهيل دخول اللاجئين اللبنانيين إلى العراق، حيث يقول مجيد، إن “الحكومة وجهت الجهات ذات العلاقة بإعفاء المواطنين اللبنانيين المتواجدين داخل العراق من الرسوم والغرامات التأخيرية لمتجاوزي الإقامة، وكذلك وجهت جميع المنافذ الحدودية البرية أو الجوية بتسهيل دخولهم إلى العراق”.
بدوره، يؤكد الهلال الأحمر العراقي، تجهيز 4 مراكز استقبال اللاجئين اللبنانيين في منفذ القائم الحدودي مع سوريا، مبيناً أن “هذه المراكز تحتوي على محطات استراحة و4 مستشفيات متنقلة و20 سيارة إسعاف”، بحسب المسؤول الإعلامي لجمعية الهلال الأحمر العراقي، غسان ثويني.
ويوضح ثويني لوكالة شفق نيوز، أن “مراكز الاستقبال عبارة عن سرادق وهذه تستقبل بحدود 300 نفر، وهي لتوفير الخدمات الآنية ليوم أو يومين، ومن بعدها يتم نقلهم إلى المحافظات العراقية، حيث إن دور الهلال الأحمر العراقي هو تقديم الخدمات الطبية والإسعافية في المناطق الحدودية كما هناك خدمات لوجستية من توفير مواد غذائية وإغاثية واحتياجات أخرى لنقل المسافرين”.
لكن في المقابل، يقول المحلل السياسي، سيف السعدي، “إننا لسنا ضد الشعب اللبناني، ولكن الأولوية للشعب العراقي والنازح العراقي والمحتاج العراقي الفقير، وهذا عُرفاً وطبيعة وحتى الدستور العراقي أشار إلى ذلك، لذلك الأولى بالحكومة توفير السكن والمعيشة والحياة الكريمة للنازحين العراقيين المتواجدين في إقليم كوردستان وعامرية الفلوجة وكما هناك نازحي جرف الصخر ويثرب وعزيز بلد وغيرها من المناطق التي لا يزال فيها نازحين”.
ويضيف السعدي لوكالة شفق نيوز، “كما أن اعطاء الحكومة العراقية الأولوية لنازحي لبنان وتهيئة الظروف المناسبة للعمالة اللبنانية كما صرح بذلك وزير العمل العراقي أحمد الأسدي، فهذا يأتي في وقت هناك ملايين العاطلين عن العمل من العراقيين الذين يبحثون عن لقمة عيشهم، لكن لم يتم توفير لهم وظائف رغم خروجهم كل فترة بتظاهرات للمطالبة بالعمل والتوظيف”.
ويتابع، “لذلك هناك ازدواجية واضحة بالتعامل مع نازحي لبنان بتوفير كل سبل الراحة لهم، خاصة عند مقارنة ذلك حينما تهجر أهالي المناطق الغربية وأغلقت الأبواب عليهم في بزيبز وسيطرة الصقور وفرض إجراءات وتشديدات عليهم، ولم يتم تقديم لهم المساعدة سوى المنظمات الدولية والاعتماد على أموالهم الخاصة، وتم استغلالهم في كثير من الأمور منها رفع أجور السكن عليهم”.
وخلص إلى القول، “لذلك هناك تأثير دول إقليمية على الفواعل السياسية داخل العراق لاستقبال فئة محسوبة على طيف معين وأيدلوجية معينة، ما يعكس عقلية معادلة الحكم داخل العراق والتعامل بانتقائية دون اعتماد سياسة الطيف المتعدد لخدمة أبناء الشعب العراقي بغض النظر عن الجنس والعرق، كما أشارت المادة 14 من الدستور بأن العراقيين متساوون أمام القانون بغض النظر عن الجنس والحالة الاجتماعية والاقتصادية أو الدين أو المذهب”.
وتصاعدت الأحداث جنوب لبنان يوم الاثنين 24 أيلول/ سبتمبر الجاري، بعد أن شن الجيش الإسرائيلي هجمات صاروخية وغارات جوية استهدفت قيادات ومواقع لحزب الله اللبناني، ومن ثم توسعت لتطال منازل ومناطق سكنية وخلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى.
ورد حزب الله بهجمات صاروخية ضربت أهدافاً إسرائيلية عسكرية وشركات وغيرها، وتتواصل الهجمات المتبادلة لليوم الخامس على التوالي.
ودعت الأمم المتحدة والعديد من الدول إلى وقف إطلاق النار والالتزام بالمعاهدات الدولية إلا أنها لم تلقَ استجابة من إسرائيل وحزب الله.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية