“تحول زلزالي”.. مبادرة اوجلان قد تخفف ضغوط أنقرة على بغداد ودمشق
أثارت رسالة السلام التي أطلقها زعيم حزب العمال الكوردستاني، عبد الله أوجلان، جدلاً واسعاً في الأوساط الكوردية، حيث تباينت ردود الفعل بين التفاؤل الحذر والمخاوف من تداعياتها، وسط اعتقادات بأن المبادرة قد تشكل تحولاً استراتيجياً في المشهد السياسي والأمني في المنطقة، إلا أنها تطرح تساؤلات حول مستقبل القضية الكوردية في كل: من العراق وسوريا، فضلًا عن تأثيرها المحتمل على العلاقات الإقليمية، خصوصًا بين بغداد وأنقرة.
وذكر موقع “المونيتور” الأمريكي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن “رسالة السلام التي أطلقها زعيم حزب العمال الكوردستاني، عبد الله أوجلان، أثارت ردود فعل متباينة بين الكورد في العراق وسوريا، حيث تراوحت المشاعر بين الفرح، الحذر، والقلق”، مبيناً أن “المبادرة قد تساهم في تخفيف الضغط التركي على بغداد، وتمهد لتطبيع الأوضاع في سوريا”.
كما وصف التقرير الأمريكي، دعوة أوجلان لحل حزب العمال الكوردستاني وإلقاء السلاح بأنها “تحول زلزالي” محتمل في التاريخ الكوردي، مشيراً إلى أنها أثارت مزيجاً من الارتياح والمخاوف بشأن مستقبل الكورد في العراق وسوريا، الذين يتطلعون إلى السلام بعد عقود من الصراع.
الكورد بين التاريخ والنضال
وصف التقرير الكورد بأنهم أقلية عرقية لها ثقافتها ولغتها الخاصة، تعود جذورهم إلى المناطق الجبلية الممتدة عبر تركيا، سوريا، العراق، وإيران، حيث خاضوا كفاحاً طويلاً من أجل وطن مستقل، لكنهم عانوا من المآسي والمجازر، ومع ذلك يعيش ملايين الكورد في إقليم كوردستان شمال العراق والإدارة شبه المستقلة شمال شرق سوريا في ظل أمان نسبي.
إلا أن التقرير أشار إلى أن كلا المنطقتين تأثرتا بحالة التمرد التي يخوضها حزب العمال الكوردستاني منذ عقود ضد الدولة التركية.
وفي مدينة السليمانية بالعراق، عبّر ريباز حسن صاحب الـ 31 عاماً عن انتظاره بفارغ الصبر لرسالة أوجلان، واصفاً ذلك اليوم بأنه “تاريخي”، رغم أن بعض الأشخاص لم يشاركوه الحماس ذاته.
وأضاف ريباز، “رأيت أشخاصاً يبكون، وآخرين يرقصون، هناك حاجة لتوضيح نتائج هذه الدعوة”.
أما في القامشلي السورية، فقد رأى عكيد فاروق صاحب الـ 35 عاماً، أن “دعوة أوجلان تمثل خطوة جيدة لحل القضية الكوردية في تركيا، وستكون لها آثار إيجابية على المنطقة إذا استجاب لها حزب العمال الكوردستاني”.
تركيا المستفيد الأكبر
وأشار التقرير، إلى أن استجابة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني لمبادرة أوجلان قد تشكّل “انتصاراً كبيراً لتركيا”، ما يعزز مكانتها كقوة إقليمية، ويتيح لها ادعاء تحقيق “نصر تاريخي”.
ونقل التقرير عن مدير المعهد الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عادل باكاوان، قوله إن “هذا التطور سيغير جذرياً الحركة الكوردية والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، ويضع تركيا في موقع قيادي”.
حيث رأى التقرير، أن “تنفيذ مبادرة أوجلان قد يخفف من التوتر القائم بين العراق وتركيا، إذ يشكل وجود حزب العمال الكوردستاني في شمال العراق مصدر خلاف بين البلدين، بينما تشدد بغداد لهجتها ضده مؤخراً، حيث صنفته منظمة محظورة، إلا أن تركيا تطالب بغداد بالتصعيد أكثر، وتصنيفه كجماعة إرهابية”.
ونقل التقرير، عن الخبير السياسي إحسان الشمري القول إن “عملية السلام ستخفف الضغوط التركية على الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءات ضد حزب العمال الكوردستاني، مما قد يؤدي إلى تحسين العلاقات بين البلدين”.
أما في سوريا، فيبدو الوضع أكثر تعقيداً، إذ تمكن الكورد هناك من استغلال ضعف النظام السوري خلال الحرب الأهلية لإنشاء إدارة شبه ذاتية، إلا أن صعود الجماعات الإسلامية المدعومة من تركيا لاحقاً جعل مستقبلهم أكثر غموضاً.
وتعتبر أنقرة أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مرتبطة بحزب العمال الكوردستاني، مما جعلها في مواجهة مستمرة مع تركيا، لكن بعض الكورد يأملون أن يسهم أي اتفاق مع حزب أوجلان في تخفيف الموقف التركي.
وفي هذا السياق، نقل التقرير عن باكاوان، أن “عملية السلام قد تحول قوات سوريا الديمقراطية من عدو لتركيا إلى حليف تعتمد عليه في تعزيز نفوذها الإقليمي”.
أما الباحث في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، ريناد منصور، فقال إن “العلاقات مع الكورد كانت العقبة الرئيسة أمام جهود السلطات السورية الجديدة لتعزيز سلطتها على كامل البلاد، وأن أي تغيير في العلاقة بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني سيؤثر بشكل مباشر على مستقبل تقاسم السلطة في سوريا”.
كما أشار التقرير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية رفضت مراراً الدعوات لحلها، مؤكدةً أنها “كيان مستقل ضمن القوات المسلحة السورية”.
وعلى الرغم من ترحيب قائدها مظلوم عبدي بمبادرة أوجلان، إلا أنه أوضح أن “الدعوة لإلقاء السلاح لا تعني قسد”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية